(وَأَخْذُ مَتْنٍ) أَيْ: حَدِيثٍ (مِنْ كِتَابٍ) مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ ; كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ، [وَابْنِ الْجَارُودِ] مِمَّا اشْتَهَرَ أَوْ صَحَّ (لِعَمَلٍ) بِمَضْمُونِهِ فِي الْفَضَائِلِ وَالتَّرْغِيبَاتِ، وَكَذَا الْأَحْكَامُ الَّتِي لَا يَجِدُ فِيهَا الْآخِذُ نَصًّا لِإِمَامِهِ، أَوْ يَجِدُهُ فَيُبْرِزُ دَلِيلَهُ الَّذِي لَعَلَّ بِوُجُودِهِ يَضْعُفُ مُخَالِفُهُ.
وَرُبَّمَا يَكُونُ إِمَامُهُ عَلَّقَ قَوْلَهُ فِيهِ عَلَى ثُبُوتِ الْخَبَرِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْمَلُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ (أَوِ احْتِجَاجٍ) بِهِ لِذِي مَذْهَبٍ (حَيْثُ سَاغَ) - بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ - أَيْ جَازَ لِلْآخِذِ ذَلِكَ، وَكَانَ مُتَأَهِّلًا لَهُ، وَالْأَهْلِيَّةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِحَسَبِهِ، مَعَ الْعِلْمِ بِالِاخْتِلَافِ فِي انْقِطَاعِ الْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ، فَضْلًا عَنِ الْمُطْلَقِ، لِنَقْصِ الْهِمَمِ (قَدْ جَعَلْ) أَيِ: ابْنُ الصَّلَاحِ.
(عَرْضًا لَهُ) أَيْ: مُقَابَلَةً لِلْمَأْخُوذِ (عَلَى أُصُولٍ) مُتَعَدِّدَةٍ بِرِوَايَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ، يَعْنِي فِيمَا تَكْثُرُ الرِّوَايَاتُ فِيهِ، كَالْفِرَبْرِيِّ وَالنَّسَفِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، أَوْ أُصُولٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فِيمَا مَدَارُهُ عَلَى رِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَكْثَرِ الْكُتُبِ (يَشْتَرِطْ) أَيْ: جَعَلَهُ شَرْطًا ; لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ جَبْرُ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي أَثْنَاءِ الْأَسَانِيدِ.
وَقَدْ تَكْثُرُ تِلْكَ الْأُصُولُ الْمُقَابَلُ بِهَا كَثْرَةً تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّوَاتُرِ وَالِاسْتِفَاضَةِ، وَعِبَارَتُهُ: " فَسَبِيلٌ " أَيْ: طَرِيقٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ، وَإِنْ حَمَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاسْتِظْهَارِ.
(وَقَالَ) الشَّيْخُ أَبُو زَكَرِيَّا (يَحْيَى النَّوَوِيُّ) بِالِاكْتِفَاءِ بِالْمُقَابَلَةِ عَلَى (أَصْلٍ) مُعْتَمَدٍ (فَقَطْ) ; إِذِ الْأَصْلُ الصَّحِيحُ تَحْصُلُ بِهِ الثِّقَةُ الَّتِي مَدَارُ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا صِحَّةً وَاحْتِجَاجًا، عَلَى أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ قَدْ تَبِعَهُمْ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْوِيِّ مَعَ تَقَارُبِهِمَا.
وَلَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ لِلِاحْتِجَاجِ وَالْعَمَلِ، وَإِذَا حُمِلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، كَانَ مُوَافِقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute