وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدَ (رَدَّا) ذَلِكَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَجَازَ النَّقْلَ فِيهِ بِذَلِكَ وَلَا مَنْ عَدَّهُ مَعَدَّ الْمُسْنَدِ. انْتَهَى.
وَلَعَلَّ فَاعِلَهُ كَانَتْ لَهُ مِنْ صَاحِبِ الْخَطِّ إِجَازَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى إِطْلَاقَهُمَا فِي الْإِجَازَةِ كَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ، ثُمَّ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْقِسْمِ قَبْلَهُ.
وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِقَوْلِ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَلْخِيِّ: إِنَّ الْمُجَوِّزِينَ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَنْ يَقُولَ: أَنَا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِذَا وَجَدَ سَمَاعَهُ بِخَطٍّ مَوْثُوقٍ بِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: ثَنَا فُلَانٌ، يَعْنِي كَمَا سَيَجِيءُ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ أَقْبَحُ تَدْلِيسٍ قَادِحٍ فِي الرِّوَايَةِ.
(وَ) لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ (قِيلَ فِي الْعَمَلِ) بِمَا تَضَمَّنَهُ (إِنَّ الْمُعْظَمَا) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ (لَمْ يَرَهُ) قِيَاسًا عَلَى الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَمْ يَتَّصِلْ، وَكَانَ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا يُفَرِّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ فِي الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ، وَأَمَّا مَنْ يَرَى مِنْهُمُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ فَقَدْ يُفَرِّقُ بِعَدَمِ اسْتِلْزَامِهَا الِاتِّصَالَ.
(وَ) لَكِنْ (بِالْوُجُوبِ) فِي الْعَمَلِ حَيْثُ سَاغَ (جَزَمَا) أَيْ: قَطَعَ (بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ) مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عِنْدَ حُصُولِ الثِّقَةِ بِهِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ عُرِضَ عَلَى جُمْلَةِ الْمُحَدِّثِينَ لَأَتَوْهُ ; فَإِنَّ مُعْظَمَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَرَوْنَهُ حُجَّةً.
(وَ) الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ (هُوَ الْأَصْوَبُ) الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فِي الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ، يَعْنِي الَّتِي قَصُرَتِ الْهِمَمُ فِيهَا جِدًّا، وَحَصَلَ التَّوَسُّعُ فِيهَا، فَإِنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ الْعَمَلُ فِيهَا عَلَى الرِّوَايَةِ لَانْسَدَّ بَابُ الْعَمَلِ بِالْمَنْقُولِ لِتَعَذُّرِ شَرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute