للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَقْلَامَ عَلَيْهِ رُعَاةٌ.

وَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ: لَوْلَا الْكِتَابَةُ أَيُّ شَيْءٍ كُنَّا؟ بَلْ قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: كُلُّ مَنْ لَا يَكْتُبُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ.

وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: لَوْلَا الْكِتَابُ مَا حَفِظْنَا. لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ طُرُقًا ; أَحَدُهَا: أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِوَقْتِ نُزُولِ الْقُرْآنِ خَشْيَةَ الْتِبَاسِهِ بِغَيْرِهِ، وَالْإِذْنُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَلِذَا خَصَّ بَعْضُهُمُ النَّهْيَ بِحَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: النَّهْيُ لِئَلَّا يُتَّخَذَ مِنَ الْقُرْآنِ كِتَابٌ يُضَاهَى بِهِ. يَعْنِي: فَحَيْثُ أُمِنَ الْمَحْذُورُ بِكَثْرَةِ حُفَّاظِهِ وَالْمُعْتَنِينَ بِهِ وَقُوَّةِ مَلَكَةِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ لِتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ.

أَوْ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِكِتَابَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ مَعَ الْقُرْآنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ تَأْوِيلَهُ فَرُبَّمَا كَتَبُوهُ مَعَهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَعَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا قُرِئَ شَاذًّا فِي قَوْلِهِ: (مَا لَبِثُوا حَوْلًا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) وَالْإِذْنُ فِي تَفْرِيقِهِمَا.

أَوِ النَّهْيُ مُتَقَدِّمٌ وَالْإِذْنُ نَاسِخٌ لَهُ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنَ الِالْتِبَاسِ، كَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ ابْنُ شَاهِينٍ، فَإِنَّ الْإِذْنَ لِأَبِي شَاهٍ كَانَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ، وَاسْتُظْهِرَ لِذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يَكْتُبُونَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ أَقْرَبُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَافِيهَا.

وَقِيلَ: النَّهْيُ لِمَنْ تَمَكَّنَ مِنَ الْحِفْظِ. وَالْإِذْنُ لِغَيْرِهِ، وَقِصَّةُ أَبِي شَاهٍ حَيْثُ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ لَمَّا سَأَلَ فِيهَا مُشْعِرَةٌ بِذَلِكَ.

وَقِيلَ: النَّهْيُ خَاصٌّ بِمَنْ خُشِيَ مِنْهُ الِاتِّكَالُ عَلَى الْكِتَابِ دُونَ الْحِفْظِ، وَالْإِذْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>