للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طَرِيقَيْنِ.

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي (الْمُوَفَّقِيَّاتِ) : (دَخَلَ عَلِيَّ أَبِي وَأَنَا أَنْظُرُ فِي دَفْتَرٍ وَأَرْوِي فِيهِ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي وَلَا أَجْهَرُ، فَقَالَ لِي: إِنَّمَا لَكَ مِنْ رِوَايَتِكَ هَذِهِ مَا أَدَّى بَصَرُكَ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِذَا أَرَدْتَ الرِّوَايَةَ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَاجْهَرْ بِهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَكَ مِنْهَا مَا أَدَّى بَصَرُكَ إِلَى قَلْبِكَ، وَمَا أَدَّى سَمْعُكَ إِلَى قَلْبِكَ) .

وَلِهَذَا قَالَ الْخَطِيبُ: (حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ) قَالَ: أَتَى جَمَاعَةً مِنَ الطَّلَبَةِ الْحَافِظَ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيَّ الْحَبَّالَ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ جُزْءًا، فَأَخْرَجَ بِهِ عِشْرِينَ نُسْخَةً، وَنَاوَلَ كُلَّ وَاحِدٍ نُسْخَةً يُعَارِضُ بِهَا.

وَيَتَأَكَّدُ النَّظَرُ إِذَا أَرَادَ السَّامِعُ النَّقْلَ مِنْهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ، لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّى الْعَرْضَ بِنَفْسِهِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ مُنَاسِبَةُ إِدْخَالِ هَذَا الْفَرْعِ فِي التَّرْجَمَةِ، وَبِكَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا صَرَّحَ الْخَطِيبُ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمَكِّيِّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَيُجْزِئُ أَلَّا أَنْظُرَ فِي النُّسْخَةِ حِينَ السَّمَاعِ وَأَقُولُ: ثَنَا. مِثْلَ الصَّكِّ شَهِدَ بِمَا فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ؟ فَقَالَ لِي: لَوْ نَظَرْتَ فِي الْكِتَابِ كَانَ أَطْيَبَ لِنَفْسِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>