للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَشْرِ تَارَةً، وَبِالْحَكِّ أُخْرَى، إِشَارَةً إِلَى الرِّفْقِ بِالْقِرْطَاسِ.

[طُرُقُ الْمَحْوِ] : (وَ) إِمَّا (مَحْوًا) ; أَيْ: بِالْمَحْوِ، وَهُوَ الْإِزَالَةُ بِدُونِ سَلْخٍ حَيْثُ أَمْكَنَ، بِأَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ فِي لَوْحٍ أَوْ رَقٍّ أَوْ وَرَقٍ صَقِيلٍ جِدًّا فِي حَالِ طَرَاوَةِ الْمَكْتُوبِ، وَأَمْنِ نُفُوذِ الْحِبْرِ بِحَيْثُ يَسْوَدُّ الْقِرْطَاسُ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيَتَنَوَّعُ طُرُقُ الْمَحْوِ. يَعْنِي: فَتَارَةً يَكُونُ بِالْإِصْبَعِ أَوْ بِخِرْقَةٍ. قَالَ: وَمِنْ أَغْرَبِهَا مَعَ أَنَّهُ أسْلَمُهَا مَا رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا كَتَبَ الشَّيْءَ ثُمَّ لَعِقَهُ. قَالَ: وَإِلَى هَذَا يُومِئُ مَا رُوِّينَا. يَعْنِي مِمَّا أَسْنَدَهُ عِيَاضٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مِنَ الْمُرُوءَةِ أَنْ يُرَى فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ وَشَفَتَيْهِ مِدَادٌ. يَعْنِي: لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى اشْتِغَالِهِ بِالتَّحْصِيلِ.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَكَذَا أَخْبَرَنِي أَصْحَابُ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ أَنَّ ثِيَابَهُ كَأَنَّمَا أُمْطِرَتْ مِدَادٌ. وَلَا يَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي (الْأَدَبِ) أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَيْمَانَ رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَأَخَذَ مِنْ مِدَادِ الدَّوَاةِ وَطَلَاهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: الْمِدَادُ بِنَا أَحْسَنُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ. وَأَنْشَدَ:

إِنَّمَا الزَّعْفَرَانُ عِطْرُ الْعَذَارَى ... وَمِدَادُ الدُّويِ عِطْرُ الرِّجَالِ

وَنَحْوُهُ أَنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ كَانَ يَأْكُلُ طَعَامًا فَوَقَعَ مِنْهُ عَلَى ثَوْبِهِ فَكَسَاهُ حِبْرًا، وَقَالَ: هَذَا أَثَرُ عِلْمٍ، وَذَلِكَ أَثَرُ شَرَهٍ. وَلِلْأَدِيبِ أَبِي الْحَسَنِ الْفَنْجُكِرْدِيِّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>