للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَسَدِيِّ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ - قَالَ: أَعْنِي هَذَا الْمُبْهَمَ - وَكَانَ الشُّيُوخُ يَكْرَهُونَ حُضُورَ السِّكِّينِ مَجْلِسَ السَّمَاعِ حَتَّى لَا يُبْشَرَ شَيْءٌ.

وَلَكِنْ قَدِ اخْتَارَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ تَفْصِيلًا نَشَأَ لَهُ عَنْ هَذَا التَّعْلِيلِ فَقَالَ: إِنْ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ غَلَطًا سَبَقَ إِلَيْهِ الْقَلَمُ فَالْكَشْطُ أَوْلَى ; لِئَلَّا يُوهِمَ بِالضَّرْبِ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، وَإِلَّا فَلَا. عَلَى أَنَّهُ لَا انْحِصَارَ لِتَعْلِيلِ الْأَجْوَدِيَّةِ فِيمَا ذَكَرَ، فَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ قَالَ: لِمَا فِي الْكَشْطِ مِنْ مَزِيدِ تَعَبٍ يَضِيعُ بِهِ الْوَقْتُ، وَرُبَّمَا أَفْسَدَ الْوَرَقَةَ وَمَا يَنْفُذُ إِلَيْهِ، بَلْ لَيْسَ يَخْلُو بَعْضُ الْوَرَقِ عَنْ ذَلِكَ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْقَائِلِ:

حَدْقُكَ فِي الْكَشْطِ دَلِيلٌ عَلَى ... أَنَّكَ فِي الْخَطِّ كَثِيرُ الْغَلَطِ

وَالْمَحْوُ غَالِبًا مُسَوِّدٌ لِلْقِرْطَاسِ، وَأَنْكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَبَّالُ الْحَافِظُ الْمِصْرِيُّ الْحَكَّ فِي الْكِتَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُضْعِفُ الْكِتَابَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُوهِمُ، فَإِذَا ضُرِبَ عَلَيْهِ يُفْهَمُ الْمَكْتُوبُ، وَيَسْلَمُ صَاحِبُ الْكِتَابِ مِنَ التُّهْمَةِ.

ثُمَّ إِنَّ لِكَوْنِ الضَّرْبِ عَلَامَةً بَيِّنَةً فِي إِلْغَاءِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ رُوِّينَا فِي (الْجَامِعِ) لِلْخَطِيبِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ قَرَأَ سَطْرًا ضُرِبَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ فَقَدْ خَانَ ; لِأَنَّ الْخَطَّ يَخْزُنُ مَا تَحْتَهُ) . وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَافِظُ الْيَغْمُورِيُّ فَقَالَ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: (قِرَاءَةُ السَّطْرِ الْمَضْرُوبِ خِيَانَةٌ) .

[الْأَقْوَالُ الْخَمْسَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّرْبِ] :

(وَصِلْهُ) أَيِ: الضَّرْبَ (بِالْحُرُوفِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>