للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حَذْفُهَا) كُلِّهَا أَصْلًا وَرَأْسًا (عُهِدْ) فِيمَا جَرَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ (خَطًّا) ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَحْذِفُونَ الْأُولَى مِنْ مِثْلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: (وَلَا بُدَّ مِنَ النُّطْقِ) بِهَا حَالَ الْقِرَاءَةِ لَفْظًا.

يَعْنِي لِأَنَّ الْأَصْلَ الْفَصْلُ بَيْنَ كَلَامَيِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا، وَحَيْثُ لَمْ يُفْصَلْ فَهُوَ مُضْمَرٌ، وَالْإِضْمَارُ خِلَافُ الْأَصْلِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ التَّلَفُّظِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ تَعْبِيرُهُ.

نَعَمْ قَدْ صَرَّحَ فِي (فَتَاوَاهُ) بِأَنَّ عَدَمَ النُّطْقِ بِهَا لَا يُبْطِلُ السَّمَاعَ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ كَانَ خَطَأٌ مِنْ فَاعِلِهِ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ حَذْفَ الْقَوْلِ جَائِزٌ اخْتِصَارًا قَدْ جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.

وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي (تَقْرِيبِهِ) فَقَالَ: تَرْكُهَا خَطَأٌ، وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ السَّمَاعِ، بَلْ جَزَمَ بِهِ فِي مُقَدِّمَةِ (شَرْحِ مُسْلِمٍ) فَإِنَّهُ قَالَ: فَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ لَفْظَ " قَالَ " فِي هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَالسَّمَاعُ صَحِيحٌ لِلْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنَ الْحَذْفِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ الشِّهَابُ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ الْمُرَحِّلِ النَّحْوِيُّ بِإِنْكَارِ اشْتِرَاطِ التَّلَفُّظِ بِهَا، ثُمَّ هَلْ يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى النُّطْقِ بِالرَّمْزِ لَهَا؟ الظَّاهِرُ: نَعَمْ.

وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْكِرْمَانِيُّ فِي " قَالَ " وَكَذَا فِي " ثَنَا " وَ " أَنَا " جَمِيعًا، وَعِبَارَتُهُ: وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَلْفِظَ بِكُلٍّ مِنْ " قَالَ " وَ " ثَنَا " وَ " أَنَا " صَرِيحًا، فَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>