وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ الرَّازِيِّ مِنْ (تَارِيخِ نَيْسَابُورَ) أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: إِذَا رَدَّ صَاحِبُ الْحَدِيثِ الْكِتَابَ بَعْدَ سَنَةٍ فَقَدْ أَحْسَنَ. فَلَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ.
وَبَلَغَنَا عَنِ ابْنِ الْمُنْصِفِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا غَابَ الْكِتَابُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ وَرَقِهِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ لِكِتَابَةٍ وَلَا قِرَاءَةٍ وَلَا مُقَابَلَةٍ وَلَا مُطَالَعَةٍ. أَوْ كَمَا قَالَ.
ثُمَّ إِنَّ التَّمَسُّكَ فِي الْمَنْعِ بِبُطُوءٍ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا يَكْفِي فِي عَدَمِ الْإِلْزَامِ بِالدَّفْعِ، فَقَدْ سَاقَ ابْنُ النَّجَّارِ فِي تَرْجَمَةِ الْأَمِيرِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ مِنْ (ذَيْلِهِ) ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِيَ الْمَالِكِيَّ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ لَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ - وَهُوَ صَاحِبُ الْكِتَابِ -: إِنَّهُ يُعَذِّبُنِي فِي كُتُبِي إِذَا دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: أَخْرِجْ إِلَيْهِ مَا لَزِمَكَ بِالْحُكْمِ.
ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي: إِذَا أَعَارَكَ أَخُوكَ كُتُبَهُ لِتَنْسَخَهَا فَلَا تُعَذِّبْهُ، فَإِنَّكَ تُطْرِقُ عَلَى نَفْسِكَ مَنْعَكَ فِيمَا تَسْتَحِقُّ. فَرَضِيَا بِذَلِكَ وَطَابَا، بَلْ وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الْيَزْدِيِّ فِي جُزْءِ عَارِيَةِ الْكُتُبِ لَهُ الْمَسْمُوعِ لَنَا، أَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ - وَهُوَ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ - قَالَ لِإِسْمَاعِيلَ: أَعَزَّ اللَّهُ الْقَاضِيَ، هَذَا رَجَلٌ غَرِيبٌ أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ بِكُتُبِي، فَيُوَثِّقُ لِي حَتَّى أُعْطِيَهُ. فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: فَاكْتَرِ رَجُلًا بِدِرْهَمَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَأَقْعِدْهُ مَعَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ نَسْخِ سَمَاعِهِ.
(وَ) كَذَا لِيَحْذَرْ إِذَا نَسَخَ مِنَ الْمَسْمُوعِ الْمُعَارِ لِنَفْسِهِ فَرْعًا (أَنْ يُثْبِتَ) سَمَاعَهُ فِيهِ (قَبْلَ عَرْضِهِ) وَمُقَابَلَتِهِ، بَلْ لَا يَنْبَغِي إِثْبَاتُ تَسْمِيعٍ عَلَى كِتَابٍ مُطْلَقًا إِلَّا بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ، (مَا لَمْ يُبَنْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute