للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فَإِنَّهُ قَالَ: الْقُرْآنُ أَعْظَمُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَرُخِّصَ أَنْ نَقْرَأَهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. وَكَذَا قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: سَأَلْنَا الزُّهْرِيَّ عَنِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ! إِذَا أَصَبْتَ مَعْنَى الْحَدِيثِ ; فَلَمْ تُحِلَّ بِهِ حَرَامًا، وَلَمْ تُحَرِّمْ بِهِ حَلَالًا، فَلَا بَأْسَ بِهِ.

بَلْ قَالَ مَكْحُولٌ وَأَبُو الْأَزْهَرِ: دَخَلْنَا عَلَى وَاثِلَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهَ وَهْمٌ وَلَا نِسْيَانٌ، فَقَالَ: هَلْ قَرَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَمَا نَحْنُ لَهُ بِحَافِظَيْنِ جِدًّا، إِنَّا لَنَزِيدُ الْوَاوَ وَالْأَلِفَ وَنَنْقُصُ.

قَالَ: فَهَذَا الْقُرْآنُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لَا تَأْلُونَهُ حِفْظًا، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَزِيدُونَ فِيهِ وَتَنْقُصُونَ مِنْهُ، فَكَيْفَ بِأَحَادِيثَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَسَى أَلَّا نَكُونَ سَمِعْنَاهَا مِنْهُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، حَسْبُكُمْ إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى.

وَاحْتَجَّ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَدُوِّهِ فِرْعَوْنَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ: {بِشِهَابٍ قَبَسٍ} [النمل: ٧] ، وَ {بِقَبَسٍ} [طه: ١٠] أَوْ {جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} [القصص: ٢٩] ، وَكَذَلِكَ قَصَصُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الْقُرْآنِ، وَقَوْلُهُمْ لِقَوْمِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ، وَإِنَّمَا نَقَلَ إِلَيْنَا ذَلِكَ بِالْمَعْنَى، وَقَدْ قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: ١] ، وَقُلْ لِلَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>