للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُورِدَ الْأَحَادِيثَ بِأَلْفَاظِهَا كَمَا قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْلَمُ وَأَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ وَغَيْرُهُ، وَلِذَا كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ - فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - يَتَوَقَّى كَثِيرًا، وَيُحِبُّ أَنْ يُحَدِّثَ بِالْأَلْفَاظِ. هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ تَحَمَّلَ مِنْ غَيْرِ التَّصَانِيفِ.

وَالشَّيْخُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي (التَّصْنِيفِ) الْمُدَوَّنِ (قَطْعًا قَدْ حَظَرَ) بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: مَنَعَ تَغْيِيرَ اللَّفْظِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ، وَإِثْبَاتَ لَفْظٍ آخَرَ بَدَلَهُ بِمَعْنَاهُ، بِدُونِ إِجْرَاءِ خِلَافٍ مِنْهُ، بَلْ وَلَا عُلِمَ غَيْرُهُ أَجْرَاهُ، لِكَوْنِ الْمَشَقَّةِ فِي ضَبْطِ الْأَلْفَاظِ وَالْجُمُودِ عَلَيْهَا الَّتِي هُوَ مُعَوَّلُ التَّرْخِيصِ مُنْتَفِيَةً فِي الْكُتُبِ الْمُدَوَّنَةِ، يَعْنِي كَمَا هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمَحْكِيِّ فِيهِ الْمَنْعُ لِحَافِظِ اللَّفْظِ، وَأَيْضًا فَهُوَ إِنْ مَلَكَ تَغْيِيرَ اللَّفْظِ فَلَيْسَ يَمْلِكُ تَغْيِيرَ تَصْنِيفِ غَيْرِهِ.

وَهَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ اخْتِصَاصُ الْمَنْعِ بِمَا إِذَا رَوَيْنَا التَّصْنِيفَ نَفْسَهُ أَوْ نَسَخْنَاهُ، أَمَّا إِذَا نَقَلْنَا مِنْهُ إِلَى تَخَارِيجِنَا وَأَجْزَائِنَا فَلَا، إِذِ التَّصْنِيفُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَهُوَ مَالِكٌ لِتَغْيِيرِ اللَّفْظِ. أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَازَعَ الْمُؤَلِّفُ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَا يَجْرِي عَلَى الِاصْطِلَاحِ، فَإِنَّ الِاصْطِلَاحَ عَلَى أَنْ لَا تُغَيَّرَ الْأَلْفَاظُ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ، سَوَاءٌ رَوَيْنَا فِيهَا أَوْ نَقَلْنَا مِنْهَا.

وَوَافَقَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي كَوْنِهِ الِاصْطِلَاحَ، لَكِنَّ مَيْلَ شَيْخِنَا إِلَى الْجَوَازِ إِذَا قُرِنَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: " بِنَحْوِهِ ".

وَيَشْهَدُ لَهُ تَسْوِيَةُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>