مُقْتَصِرًا عَلَى الْإِخَاءِ وَالْأَمْرِ بِالْوَلِيمَةِ، فَفَهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَلِيمَةَ لِلْأُخُوَّةِ، وَلَيْسَ كَذِلِكَ، وَالْحَدِيثُ قَدْ أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ تَامًّا فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ، وَلَيْسَتِ الْوَلِيمَةُ فِيهِ إِلَّا لِلنِّكَاحِ جَزْمًا.
وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ. وَاحْتُجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ) . وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُخْتَصَرَ الْحَدِيثُ إِذَا كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَعْنِي دُونَ غَيْرِهِ.
كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَشْهَبُ إِذْ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْأَحَادِيثِ يُقَدَّمُ فِيهَا وَيُؤَخَّرُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَكْرَهُ ذَلِكَ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُزَادَ فِيهَا وَيُنْقَصَ مِنْهَا، وَمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا إِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا. بَلْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ وَغَيْرُهُ لَا يَسْتَجِيزُونَ أَنْ يُحْذَفَ مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ.
فَإِنْ كَانَ لِشَكٍّ فَهُوَ - كَمَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ - سَائِغٌ، كَانَ مَالِكٌ يَفْعَلُهُ كَثِيرًا تَوَرُّعًا، بَلْ كَانَ يَقْطَعُ إِسْنَادَ الْحَدِيثِ إِذَا شَكَّ فِي وَصْلِهِ، وَنُقِلَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، نَعَمْ إِنْ تَعَلَّقَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ بِالْمُثْبَتِ كَقَوْلِ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي حَدِيثِ الرُّخْصَةِ فِي الْعَرَايَا: ( «فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةٍ أَوْسُقٍ» ) ، فَلَا.
[جَوَازُ اخْتِصَارِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا] :
(أَوْ) هُوَ الْقَوَلُ الثَّانِي (أَجِزْ) ذَلِكَ مُطْلَقًا احْتَاجَ إِلَى تَغْيِيرٍ لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى أَمْ لَا، تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُهُ لَهُ تَامًّا أَمْ لَا، لِمَا سَيَجِيءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute