للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ) . لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ فَقَدْ كَذَبْتَ عَلَيْهِ.

وَعَنْ سَالِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ هُبَيْرَةَ الْأَكْبَرِ، فَجَرَى ذِكْرُ الْعَرَبِيَّةِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا اسْتَوَى رَجُلَانِ دِينُهُمَا وَاحِدٌ وَحَسَبُهُمَا وَاحِدٌ وَمُرُوءَتُهُمَا وَاحِدَةٌ، أَحَدُهُمَا يَلْحَنُ، وَالْآخَرُ لَا يَلْحَنُ ; لِأَنَّ أَفْضَلَهُمَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الَّذِي لَا يَلْحِنُ.

فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، هَذَا أَفْضَلُ فِي الدُّنْيَا لِفَضْلِ فَصَاحَتِهِ وَعَرَبِيَّتِهِ، أَرَأَيْتَ الْآخِرَةَ مَا بَالُهُ أَفْضَلُ فِيهَا؟ قَالَ: إِنَّهُ يَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ، وَإِنَّ الَّذِي يَلْحِنُ يَحْمِلُهُ لَحْنُهُ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَيُخْرِجَ مَا هُوَ فِيهِ. فَقُلْتُ: صَدَقَ الْأَمِيرُ وَبَرَّ.

وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ لِإِنْسَانٍ: إِنْ لَحَنْتَ فِي حَدِيثِي فَقَدْ كَذَبْتَ عَلَيَّ. فَإِنِّي لَا أَلْحَنُ. وَصَدَقَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ مُقَدَّمًا فِي ذَلِكَ، بِحَيْثُ إِنَّ سِيبَوَيْهِ شَكَى إِلَى الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ فِي رَجُلٍ رَعُفَ، - يَعْنِي بِضَمِ الْعَيْنِ عَلَى لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ - فَانْتَهَرَهُ، وَقَالَ لَهُ: أَخْطَأْتَ، إِنَّمَا هُوَ رَعَفَ - يَعْنِي بِفَتْحِهَا - فَقَالَ لَهُ الْخَلِيلُ: صَدَقَ، أَتَلْقَى بِهَذَا الْكَلَامِ أَبَا أُسَامَةَ؟ وَهُوَ مِمَّا ذُكِرَ فِي سَبَبِ تَعَلُّمِ سِيبَوَيْهِ الْعَرَبِيَّةَ، وَيُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ أَيْضًا كَانَتْ سَبَبًا لِتَعَلُّمِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَحَدِ التَّابِعِينَ مِنْ شُيُوخِ حَمَّادٍ هَذَا لَهَا.

كَمَا رُوِّينَا فِي (الْعِلْمِ) لِلْمَوْهِبِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَأَلَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>