عَنْ شَيْخِهِ بِمَا لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُمَا أَوْلَى مِنْ " أَنَّ " ; لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْإِشْعَارِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَإِنِ اصْطَلَحَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وَأَنْسَابِهِمْ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَبِزِيَادَةِ تَعْيِينِ تَارِيخِ السَّمَاعِ، وَالْقَارِئِ، وَالْمُخَرِّجِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَصِلُوا إِلَى الْمُصَنِّفِينَ، بَلْ وَرُبَّمَا لَقَّبُوا الرَّاوِيَ بِمَا لَا يَسْمَحُ بِهِ الرَّاوِي عَنْهُ الْمُضَافُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، كَأَنْ يُقَالَ: أَنَا ابْنُ الصَّلَاحِ، أَنَا الْعَلَّامَةُ الْإِمَامُ أَوْحَدُ الزَّمَانِ فُلَانٌ. مَعَ كَوْنِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ هَذَا فِي حَقِّ شَيْخِهِ لَأَبَاهُ، وَهُوَ تَوَسُّعٌ أَشَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى مَنْعِهِ.
(أَمَّا) وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي (إِذَا الشَّيْخُ) الَّذِي حَدَّثَكَ (أَتَمَّ النَّسَبَا) لِشَيْخِهِ أَوْ مَنْ فَوْقَهُ (فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ) أَوِ الْكِتَابِ (فَقَطْ) ، وَاقْتَصَرَ فِي بَاقِيهِ عَلَى اسْمِهِ خَاصَّةً، أَوْ نَسَبِهِ، كَمَا يَقَعُ فِي " حَدِيثِ الْمُخَلِّصِ " حَيْثُ يُقَالُ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، ابْنُ بِنْتِ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ. ثُمَّ يَقْتَصِرُ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ.
(فَذَهَبَا الْأَكْثَرُونَ) مِنَ الْعُلَمَاءِ كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ عَنْهُمْ (لِجَوَازِ أَنْ يُتِمْ مَا بَعْدَهُ) أَيْ: مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ اعْتِمَادًا عَلَى ذِكْرِهِ كَذَلِكَ أَوَّلًا، سَوَاءٌ فَصَلَ، يَعْنِي بِمَا تَقَدَّمَ، أَمْ لَا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ هُنَاكَ لَمْ يَذْكُرِ الْمُدْرَجَ أَصْلًا، فَهُوَ إِدْرَاجٌ لِشَيْءٍ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَوَجَبَ الْفَصْلُ فِيهِ، (وَالْفَصْلُ) هُنَا (أَوْلَى) لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِفْصَاحِ بِصُورَةِ الْحَالِ، وَعَدَمِ الْإِدْرَاجِ، (وَأَتَمْ) لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِالْأَوْلَوِيَّةِ بَعْضُهُمْ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ، وَاسْتَحْسَنَهُ، وَخَدَشَ مَا حَكَاهُ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute