وَمَنَعَ مِنْهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَائِينِيُّ فِي الْأَسْئِلَةِ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا الْحَافِظُ أَبُو سَعْدِ بْنُ عَلِيَّكَ. وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُذْكَرَ الْإِسْنَادُ فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا لِمَنْ سَمَاعُهُ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ.
وَكَذَا مَنَعَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ وَرَآهُ تَدْلِيسًا، يَعْنِي مِنْ جِهَةِ إِيهَامِهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ سَمِعَ بِتَكْرَارِ السَّنَدِ، وَأَنَّهُ كَانَ مُكَرَّرًا تَحْقِيقًا لَا حُكْمًا وَتَقْدِيرًا، إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ كَيْفِيَّةَ التَّحَمُّلِ. وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ ; لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ لَهُ حُكْمُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَثَابَةِ تَقْطِيعِ الْمَتْنِ الْوَاحِدِ فِي أَبْوَابٍ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْمَتْنِ، وَقَرِيبُ الشَّبَهِ بِالنَّقْلِ مِنْ أَثْنَاءِ الْكُتُبِ الَّتِي يَقَعُ إِيرَادُ السَّنَدِ بِهَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوِ الْمَجْلِسِ، وَكَذَا فِي آخِرِهِ غَالِبًا لِأَجْلِ مَنْ يَتَجَدَّدُ مِنَ السَّامِعِينَ، وَيُكْتَفَى فِي كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: وَبِهِ. حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهِ، بَلْ لَا فَرْقَ.
قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْمَنْعُ عَلَى التَّنْزِيهِ وَمَا يُخَالِفُ الْأَوْلَى، لَا عَلَى التَّحَتُّمِ ; إِذْ لَا وَجْهَ لِلْحَمْلِ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: بَابُ الرِّوَايَةِ اتِّبَاعٌ لَا ابْتِدَاعٌ، وَهُوَ لَمْ يُرْوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنَ التَّفْرِقَةِ فَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ مُبْتَدَعَاتِهَا لَا مِنَ اتِّبَاعَاتِهَا.
[صَنِيعُ الشَّيْخَيْنِ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ صَحِيفَةِ هَمَّامٍ] :
(وَالْإِفْصَاحُ) بِصُورَةِ الْحَالِ وَإِنْ جَازَ مَا تَقَدَّمَ (أَسَدْ) بِالْمُهْمَلَةِ، أَيْ أَقْوَمُ وَأَحْسَنُ، كَمَا يَفْعَلُهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيفَةِ هَمَّامٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ بَعْدَ سِيَاقِ إِسْنَادِهِ إِلَى هَمَّامٍ: إِنَّهُ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا نَصُّهُ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا. وَيَسُوقُ الْمَتْنَ الَّذِي يَرُومُ إِيرَادَهُ، وَلَمْ يَعْدِلْ عَنْ هَذَا فِيمَا يُورِدُهُ مِنَ النُّسْخَةِ الْمَذْكُورَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute