للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ الْأَظْهَرُ نَظَرٌ إِذَا مَشَيْنَا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مِثْلَهُ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ لَفْظِهِ، لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَاهُ، بَلْ هُوَ فِيمَا يَظْهَرُ دَائِرٌ بَيْنَ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى لَا سِيَّمَا إِذَا اقْتَرَنَ بِمِثْلِهِ لَفْظُ سَوَاءٍ، بَلْ هُوَ حِينَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى كَوْنِهِ بِلَفْظِهِ.

وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى الْمَنْعِ شُعْبَةُ، فَكَانَ لَا يَرَى بِالتَّحْدِيثِ بِهِ عَلَى لَفْظِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ: قَوْلُ الرَّاوِي: فُلَانٌ، عَنْ فُلَانٍ، مِثْلَهُ. لَا يُجْزِئُ، وَقَوْلُهُ: نَحْوَهُ. شَكٌّ، أَيْ: فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ. وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْهُ قَالَ: مِثْلَهُ وَنَحْوَهُ حَدِيثٌ. أَيْ: غَيْرُ الْأَوَّلِ. وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا جَاءَ مِنْ طَرِيقِ قُرَادٍ أَبِي نُوحٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: مِثْلَهُ لَيْسَ بِحَدِيثٍ.

ثُمَّ إِنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَذْفِ الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ مَعَ ذَلِكَ وَإِثْبَاتِهِ. وَلِإِثْبَاتِهِ أَحْوَالٌ: فَتَارَةً يَذْكُرُ الْمَتْنَ عَقِبَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَتَارَةً يَذْكُرُهُ عَقِبَ ثَانِيهِمَا، وَتَارَةً يَعْكِسُ مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ، فَيُؤَخِّرُ الْإِسْنَادَ الَّذِي لَهُ اللَّفْظُ، وَيُرْدِفُهُ بِقَوْلِهِ: مِثْلَهُ.

(وَقِيلَ بَلْ) يَجُوزُ (لَهْ) أَيْ: لِلسَّامِعِ كَذَلِكَ إِكْمَالُهُ (إِنْ عَرَفَ) الْمُحَدِّثُ (الرَّاوِيَ بِالتَّحَفُّظِ وَالضَّبْطِ) .

وَعَدِّ الْحُرُوفِ، (وَالتَّمْيِيزِ لِلتَّلَفُّظِ) الْوَاقِعِ مِنَ الرُّوَاةِ، بِحَيْثُ لَا يَحْمِلُ لَفْظَ رَاوٍ عَلَى آخَرَ، مِثْلَ مُسْلِمٍ صَاحِبِ (الصَّحِيحِ) فَإِنَّهُ يَزُولُ الِاحْتِمَالُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا. حَكَاهَا الْخَطِيبُ فِي (الْكِفَايَةِ) عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَأَسْنَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حِبَّانَ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي: قِيلَ لِأَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: يُحَدِّثُ الْمُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ، ثُمَّ يُحَدِّثُ بِآخَرَ فِي أَثَرِهِ فَيَقُولُ: مِثْلَهُ، يَجُوزُ لِي أَنْ أَقُصَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْمُحَدِّثُ: مِثْلَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا قَالَ الْمُحَدِّثُ: مِثْلَهُ. فَكَيْفَ أَقُصُّ أَنَا الْكَلَامَ فِيهِ؟ قَالَ: هَذَا جَائِزٌ إِذَا قَالَ: مِثْلَهُ. فَقَصَصْتَ أَنْتَ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا كَانَ " مِثْلَهُ " يَعْنِي حَدِيثًا قَدْ تَقَدَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>