للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ أَدْرَجَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا فِيهِ بَعْضُ الْوَهْنِ.

وَلِذَا مَنَعَ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُمُ مِنَ التَّحَمُّلِ عَنْهُمْ فِيهَا، وَامْتَنَعَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْ رِوَايَةِ مَا يَحْفَظُونَهُ إِلَّا مِنْ كُتُبِهِمْ. وَفِي إِغْفَالِ الْبَيَانِ إِيهَامٌ وَإِلْبَاسٌ يَقْرُبُ مِنَ التَّدْلِيسِ، وَكَمَا يُسْتَحَبُّ الْبَيَانُ فِيمَا تَقَدَّمَ، كَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ بَيَانُ مَا فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَزِيدِ ضَبْطٍ وَإِتْقَانٍ، كَتَكَرُّرِ سَمَاعِهِ لِلْمَرْوِيِّ، وَقَدْ فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ، فَيَقُولُونَ: ثَنَا فُلَانٌ غَيْرَ مَرَّةٍ.

[لَا يُحْسِنُ حَذْفَ الْمَجْرُوحِ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عَنْهُ وَعَنْ ثِقَةٍ] :

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: (وَالْمَتْنُ عَنْ شَخْصَيْنِ) مَقْرُونَيْنِ مِنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ أَخَذَ عَنْهُمْ أَوْ مِمَّنْ فَوْقَهُمْ (وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (جُرِحْ) ، وَالْآخَرُ وُثِّقَ، كَحَدِيثٍ لِأَنَسٍ يَرْوِيهِ عَنْهُ مَثَلًا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَأَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ (لَا يَحْسُنُ) لِلرَّاوِي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ (الْحَذْفُ لَهُ) أَيْ: لِلْمَجْرُوحِ وَهُوَ أَبَانٌ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ثَابِتٍ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ أَبَانٍ خَاصَّةً، وَحَمَلَ الْمُحَدِّثُ عَنْهُمَا أَوْ مَنْ دُونَهُ لَفْظَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. قَالَهُ الْخَطِيبُ.

(لَكِنْ يَصِحْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ -: اتِّفَاقُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَمَا ذُكِرَ مِنَ الِاحْتِمَالِ نَادِرٌ بَعِيدٌ، فَإِنَّهُ مِنَ الْإِدْرَاجِ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَمُّدُهُ. نَعَمْ قَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ مِثْلِهِ فَقَالَ فِيهِ نَحْوًا مِمَّا ذَكَرْنَا.

ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ حَرْبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّ أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا: أَتُجَوِّزُ أَنْ أُسَمِّيَ ثَابِتًا وَأَتْرُكَ أَبَانًا؟ قَالَ: لَا، لَعَلَّ فِي حَدِيثِ أَبَانٍ شَيْئًا لَيْسَ فِي حَدِيثِ ثَابِتٍ. وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَكَذَا فَأُحِبُّ أَنْ أُسَمِّيَهُمَا. وَهَذَا مُحْتَمِلٌ.

وَيَتَأَيَّدُ الِاسْتِحْبَابُ بِسُلُوكِ مُسْلِمٍ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَهُ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ فِي النِّكَاحِ مِنْ (صَحِيحِهِ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>