اللَّفْظَةَ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي ذَلِكَ، بَلْ تَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي حَدَّثَهُ عُرْوَةُ أَوَّلَ شَيْءٍ مِنْهُ، خَاصَّةً مِمَّا زَادَهَا اللَّيْثُ عَنْ سَائِرِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ صَحَّ كَوْنُ الزُّهْرِيِّ اسْتَعْمَلَ التَّلْفِيقَ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ قَالَ عِيَاضٌ مَعَ كَوْنِهِ مِمَّنِ اسْتَعْمَلَهُ كَمَا أَسْلَفْتُهُ: إِنَّهُمُ انْتَقَدُوا عَلَيْهِ صَنِيعَهُ لَهُ، وَقَالُوا: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْرِدَ حَدِيثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنِ الْآخَرِ. انْتَهَى. وَالْأَمْرُ فِيهِ سَهْلٌ، فَالْكُلُّ ثِقَاتٌ، وَلَا يَخْرُجُ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ صَحِيحًا.
(وَجَرْحُ بَعْضٍ) مِنَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُمْ، وَضَعْفُهُ أَنْ لَوِ اتَّفَقَ مَعَ عَدَمِ التَّفْصِيلِ (مُقْتَضٍ لِلتَّرْكِ) لِجَمِيعِ الْحَدِيثِ ; لِأَنَّهُ مَا مِنْ قِطْعَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ عَنْ ذَاكَ الرَّاوِي الْمَجْرُوحِ.
(وَ) لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وُجُوبًا (حَذْفَ) بِالنَّصْبِ، مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ، (وَاحِدٍ مِنْ) الرُّوَاةِ الْمُجْتَمِعِينَ فِي (الْإِسْنَادِ) أَوْ بَعْضِ الْحَدِيثِ (فِي) هَاتَيْنِ (الصُّورَتَيْنِ) الثِّقَاتِ كُلِّهِمْ، وَالضَّعِيفِ بَعْضِهِمْ، (امْنَعْ لِلِازْدِيَادِ) أَيْ: لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ عَلَى بَقِيَّةِ الرُّوَاةِ لِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِمْ، أَوْ إِسْقَاطِ مَا اخْتَصَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَنِ الْبَاقِينَ.
فَائِدَةٌ: لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ فِي " بَابِ كَيْفَ كَانَ يَعِيشُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ " مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ. بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ.
فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي كَوْنِهِ لَمْ يَسْمَعْ جَمِيعَهُ مِنْهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ بِطَرِيقِ الْوِجَادَةِ أَوِ الْإِجَازَةِ، أَوْ حَمَلَهُ عَنْ شَيْخٍ آخَرَ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ غَيْرِ أَبِي نُعَيْمٍ، أَوْ سَمِعَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ مِنْ شَيْخٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَكُونُ مِنَ التَّعَالِيقِ، وَلِذَا أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute