وَضَعْفِ الْقُوَى حَدًّا لِمَا لَا يُسْتَنْكَرُ، أَوْ يَجْعَلَ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لِلْجَوَازِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُرْدِفَ بِالْخَمْسِينَ الَّتِي لِلِاسْتِحْسَانِ.
وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ سَهْلٌ، بَلْ رُدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقُ التَّحْدِيدِ، فَقَالَ عِيَاضٌ فِي (إِلْمَاعِهِ) وَاسْتِحْسَانِهِ: هَذَا لَا يَقُومُ لَهُ حُجَّةٌ بِمَا قَالَ. قَالَ: وَكَمْ مِنَ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى هَذَا السِّنِّ وَلَا اسْتَوْفَى فِي هَذَا الْعُمْرِ، وَمَاتَ قَبْلَهُ.
وَقَدْ نَشَرَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ مَا لَا يُحْصَى، هَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تُوُفِّيَ وَلَمْ يُكْمِلِ الْأَرْبَعِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمْ يَبْلُغِ الْخَمْسِينَ، وَكَذَا إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهَذَا مَالِكٌ قَدْ جَلَسَ لِلنَّاسِ ابْنَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ، وَشُيُوخُهُ رَبِيعَةُ وَابْنُ شِهَابٍ وَابْنُ هُرْمُزَ وَنَافِعٌ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَغَيْرُهُمْ أَحْيَاءٌ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ شِهَابٍ حَدِيثَ الْفُرَيْعَةِ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ قَدْ أُخِذَ عَنْهُ الْعِلْمُ فِي سِنِّ الْحَدَاثَةِ، وَانْتَصَبَ لِذَلِكَ فِي آخَرِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ. انْتَهَى.
وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي (جَامِعِهِ) مِنْ طَرِيقِ بُنْدَارٍ قَالَ: كَتَبَ عَنِّي خَمْسَةُ قُرُونٍ، وَسَأَلُونِي التَّحْدِيثَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أُحَدِّثَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، فَأَخْرَجْتُهُمْ إِلَى الْبُسْتَانِ فَأَطْعَمْتُهُمُ الرُّطَبَ وَحَدَّثْتُهُمْ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ قَالَ: كَتَبْنَا عَنِ الْبُخَارِيِّ عَلَى بَابِ الْفِرْيَابِيِّ وَمَا فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ. فَقُلْتُ: ابْنُ كَمْ كَانَ؟ قَالَ: ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَقَدْ حَدَّثْتُ أَنَا وَلِي عِشْرُونَ سَنَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute