وَكَذَا لَا تَخُصَّ أَحَدًا بِمَجْلِسٍ، بَلْ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلَا تُقِمْ أَحَدًا لِأَجْلِ أَحَدٍ، لِحَدِيثِ: ( «لَا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ، وَلَكِنْ تَوَسَّعُوا» ) . ( «لَا تُجْلِسْهُ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا» ) .
وَدَخَلَ الْحَيْصُ بَيْصُ الشَّاعِرُ عَلَى الشَّرِيفِ عَلِيِّ بْنِ طَرَّادٍ الْوَزِيرِ فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ بْنُ طَرَّادٍ، يَا رَفِيعَ الْعِمَادِ، يَا خَالِدَ الْأَجْوَادِ، انْقَضَى الْمَجْلِسُ فَأَيْنَ أَجْلِسُ؟ فَقَالَ الْوَزِيرُ: مَكَانَكَ. فَقَالَ: أَعَلَى قَدْرِي أَمْ عَلَى قَدْرِكَ؟ فَقَالَ: لَا عَلَى قَدْرِي وَلَا عَلَى قَدْرِكَ، وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ الْوَقْتِ. وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إِكْرَامَهُ الْمَشَايِخَ وَالْعُلَمَاءَ وَذَوِي الْأَنْسَابِ، لِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ إِنْزَالِ كُلٍّ مَنْزِلَتَهُ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا أَتَى ذُو السِّنِّ وَالْفَضْلِ قَالُوا لَهُ: هَهُنَا. حَتَّى يَجْلِسَ قَرِيبًا مِنْهُمْ. قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ رُبَّمَا أَتَاهُ الرَّجُلُ لَيْسَ لَهُ ذَاكَ السِّنَّ، فَيَقُولُ لَهُ: هَهُنَا. وَلَا يَرْضَى حَتَّى يُجْلِسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، كَأَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ لِفَضْلِهِ عِنْدَهُ.
وَلَا تُقَدِّمْ أَحَدًا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ، بَلْ تَأَسَّ بِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ حَضَرَ إِلَيْهِ الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَهُوَ ابْنُ الْوَزِيرِ، وَقَدْ سَبَقَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute