للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ وَصْفِهِ بِذَلِكَ، إِذْ هُوَ حَرَامٌ حَسْبَمَا اسْتَثْنَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مُتَمَسِّكًا بِنَهْيِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لابْنَ مَعِينٍ أَنْ يَقُولَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ.

وَقَالَ لَهُ: قُلْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى أُمِّهِ. وَلَمْ يُخَالِفْهُ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ، بَلْ قَالَ: قَبِلْنَاهُ مِنْكَ يَا مُعَلِّمَ الْخَيْرِ.

وَقَدْ أَقَرَّ النَّاظِمَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَلْقَابِ، وَأَمَّا هُنَا فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ عَلَى طَرِيقِ الْأَدَبِ لَا اللُّزُومِ. انْتَهَى. وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا: فَهُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ.

قُلْتُ: فَلَوْ عَلِمَ أَنَّ كَرَاهَتَهُ تَوَاضُعًا لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنَ التَّزْكِيَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، كَمَا نُقِلَ عَنِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَسْتُ أَجْعَلُ فِي حِلٍّ مَنْ لَقَّبَنِي مُحْيِيَ الدِّينِ. فَالْأُولَى تَجَنُّبُهُ.

وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ: ( «أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ» ؟) . وَلِذَا تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي (صَحِيحِهِ) بِقَوْلِهِ: مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ، أَيْ بِأَوْصَافِهِمْ، نَحْوَ قَوْلِهِمُ: الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ، وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» ) . فَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى التَّفْصِيلِ كَالْجُمْهُورِ.

وَشَذَّ قَوْمٌ فَشَدَّدُوا، حَتَّى نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُنَا: حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ. غِيبَةً.

وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ لِقَوْلِهِ فِيهَا: وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ.

قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ: أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ ذِكْرَ مِثْلِ هَذَا إِنْ كَانَ لِلْبَيَانِ وَالتَّمْيِيزِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّنْقِيصِ لَمْ يَجُزْ.

قَالَ: وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا أَنَّهَا قَصِيرَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اغْتَبْتِيهَا) . وَذَلِكَ أَنَّهَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>