يَسْتَعِينُونَ بِمَنْ يُخَرِّجُ لَهُمْ.
(وَلَيْسَ بِالْإِمْلَاءِ حِينَ يَكْمُلُ غِنًى عَنِ الْعَرْضِ) وَالْمُقَابَلَةِ (لِـ) إِصْلَاحِ (زَيْغٍ) ، أَوْ طُغْيَانِ قَلَمٍ (يَحْصُلُ) ; يَعْنِي: فَإِنَّ الْمُقَابَلَةَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَاجِبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا حِكَايَةً عَنِ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ ; إِذْ لَا فَرْقَ، وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي الْقَوْلُ بِجَوَازِ الرِّوَايَةِ مِنَ الْفَرْعِ غَيْرِ الْمُقَابَلِ لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدَّمَةِ، بَلْ كَانَ شَيْخُنَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَكْتُبُ عَنْهُ الْإِمْلَاءَ مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ هَمَّ أَنْ يَجْعَلَ بِكُلِّ جَانِبٍ وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَهُمْ بِالْفَنِّ إِلْمَامٌ فِي الْجُمْلَةِ ; لِيَخْتَبِرَ كِتَابَتَهُمْ وَيُرَاجِعُونَهُ، فَمَا تَيَسَّرَ.
وَالتَّبْكِيرُ بِالْمَجْلِسِ أَوْلَى، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَصْبِرَ سَاعَةً حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ.
وَاسْتُحِبَّ لِلطَّالِبِ السَّبْقُ بِالْمَجِيءِ ; لِئَلَّا يَفُوتَهُ شَيْءٌ، فَتَشُقُّ إِعَادَتُهُ، فَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ - كَمَا قَالَ الْخَطِيبُ - بِكَرَاهَةِ تَكْرِيرِ مَاضِيهِ، وَاسْتِثْقَالِ الْإِعَادَةِ لِفَائِتِهِ وَمُنْقَضِيهِ، حَتَّى قَالَ الثَّوْرِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمَا: مَنْ غَابَ خَابَ، وَأَكَلَ نَصِيبَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَمْ نُعِدْ لَهُ حَدِيثًا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نَقْلُ الصَّخْرِ أَهْوَنُ مِنْ إِعَادَةِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ نَفْطَوَيْهِ يُخَاطِبُ ثَقِيلًا مِنْ أَبْيَاتٍ:
خَلٍ عَنَّا فَإِنَّمَا أَنْتَ فِينَا ... وَاوُ عَمْرٍو وَكَالْحَدِيثِ الْمُعَادِ
وَدَخَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى الشَّيْخِ وَقْتَ الِانْصِرَافِ، فَأَنْشَأَ الشَّيْخُ يَقُولُ:
وَلَا يَرِدُونَ الْمَاءَ إِلَّا عَشِيَّةً ... إِذَا صَدَرَ الْوُرَّادُ عَنْ كُلِّ مَنْهَلٍ
وَلِذَا كَانَ خَلْقٌ يَبِيتُونَ لَيْلَةَ الْإِمْلَاءِ عَلَى ابْنِ الْمَدِينِيِّ بِمَحَلِّ جُلُوسِهِ ; حِرْصًا عَلَى السَّمَاعِ، وَتَخَوُّفًا مِنَ الْفَوَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute