بَعْدَ فَوَاتِهِ أَهَمَّ.
وَقَدْ أَوْرَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ حَدِيثًا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَبْدٌ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلَ مَا جَلَسَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ثَنَا بِهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ مِنْ كِتَابِكَ، فَقُمْتُ لِأُخْرِجَ كِتَابِي، فَقَبَضَ عَلَى ثَوْبِي ثُمَّ قَالَ: أَمْلِهِ عَلَيَّ ; فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَلْقَاكَ، قَالَ: فَأَمْلَيْتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخْرَجْتُ كِتَابِي فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ.
وَاحْذَرْ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمُبَادَرَةِ بِحَيْثُ تَرْتَكِبُ مَا لَا يَجُوزُ، فَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْحِرْمَانِ، فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ وَافَى الْبَصْرَةَ لِيَسْمَعَ مِنْ شُعْبَةَ وَيُكْثِرَ عَنْهُ، فَصَادَفَ الْمَجْلِسَ قَدِ انْقَضَى، وَانْصَرَفَ شُعْبَةُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَادَرَ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْهِ فَوَجَدَ الْبَابَ مَفْتُوحًا، فَحَمَلَهُ الشَّرَهُ عَلَى أَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، فَرَآهُ جَالِسًا عَلَى الْبَالُوعَةِ يَبُولُ، فَقَالَ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، رَجُلٌ غَرِيبٌ قَدِمْتُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ تُحَدِّثُنِي بِحَدِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَعْظَمَ شُعْبَةُ هَذَا، وَقَالَ: يَا هَذَا دَخَلْتَ مَنْزِلِي بِغَيْرِ إِذْنِي، وَتُكَلِّمُنِي وَأَنَا عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَالِ، تَأَخَّرْ عَنِّي حَتَّى أُصْلِحَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَفْعَلْ وَاسْتَمَرَّ فِي الْإِلْحَاحِ، وَشُعْبَةُ مُمْسِكٌ ذَكَرَهُ بِيَدِهِ لِيَسْتَبْرِئَ، فَلَمْا أَكْثَرَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ: ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ) ، ثُمَّ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute