وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْفَرَّاءِ لِكَوْنِهَا صَنْعَةَ أَبِيهِ، مُصَنِّفُ مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ فِي التَّفْسِيرِ، وَشَرْحِ السُّنَّةِ، وَالْمَصَابِيحِ فِي الْحَدِيثِ، [وَالْجَمْعِ بَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ بِإِسْنَادِهِمَا مَعَ حَذْفِ الْمُكَرَّرَاتِ] ، وَالتَّهْذِيبِ فِي الْفِقْهِ.
وَكَانَ سَيِّدًا زَاهِدًا قَانِعًا، يَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ فَلِيمَ فِي ذَلِكَ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ بِالزَّيْتِ، مَاتَ بِمُرْوِ الرُّوذِ، فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتَّ عَشَرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ (٥١٦ هـ) وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى التِّسْعِينَ ظَنًّا، وَدُفِنَ عِنْدَ شَيْخِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ.
(إِذْ قَسَّمَ) كِتَابَهُ (الْمَصَابِحَا) بِحَذْفِ الْيَاءِ تَخْفِيفًا، جَمْعَ مِصْبَاحٍ ; وَهُوَ السِّرَاجُ (إِلَى الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ، جَانِحَا) أَيْ: سَائِرًا إِلَى أَنَّ الصِّحَاحَ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا.
وَ (الْحِسَانُ مَا رَوَوْهُ) أَيْ: أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ، كَالنَّسَائِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ (فِي السُّنَنِ) مِنْ تَصَانِيفِهِمْ مِمَّا يَتَضَمَّنُ مُسَاعَدَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ ; لِاسْتِلْزَامِهِ تَحْسِينَ الْمَسْكُوتِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ رُدَّ (عَلَيْهِ) فَقَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّهُ لَيْسَ بِصَوَابٍ، وَسَبَقَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ: إِنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَا يُعْرَفُ، وَلَيْسَ الْحَسَنُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ عِبَارَةً عَنْ ذَلِكَ، (إِذْ بِهَا) أَيْ: بِكُتُبِ السُّنَنِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا (غَيْرُ الْحَسَنِ) مِنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ.
فَقَدْ (كَانَ أَبُو دَاوُدَ) يَتَتَبَّعُ مِنْ حَدِيثِهِ (أَقْوَى مَا وُجِدْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ النَّاظِمِ، وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَنْسَبَ (يَرْوِيهِ وَ) يَرْوِي الْحَدِيثَ (الضَّعِيفَ) أَيْ: مِنْ قِبَلِ سُوءِ حِفْظِ رَاوِيهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ; كَالْمَجْهُولِ عَيْنًا أَوْ حَالًا، لَا مُطْلَقَ الضَّعْفِ الَّذِي يَشْمَلُ مَا كَانَ رَاوِيهِ مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ.
(حَيْثُ لَا يَجِدْ فِي الْبَابِ) حَدِيثًا (غَيْرَهُ فَذَاكَ) أَيِ: الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ (عِنْدَهُ، مِنْ رَأْيٍ) أَيْ: مِنْ جَمِيعِ آرَاءِ الرِّجَالِ (أَقْوَى) كَمَا (قَالَهُ) أَيْ: كَوْنُهُ يُخَرِّجُ الضَّعِيفَ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الْآرَاءِ، الْحَافِظُ أَحَدُ أَكَابِرِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، مِمَّنْ جَابَ وَجَالَ، وَلَقِيَ الْأَعْلَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute