الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَتَرَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ بِالْحَيَاءِ لَبِسَ الْجَهْلَ سِرْبَالًا، فَقَطِّعُوا سَرَابِيلَ الْحَيَاءِ ; فَإِنَّهُ مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ.
وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنُ الْحَيَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْإِجْلَالِ وَالِاحْتِرَامِ لِلْأَكَابِرِ، وَهُوَ مَحْمُودٌ، وَالَّذِي هُنَا لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ، بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِتَرْكِ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، فَهُوَ مَذْمُومٌ.
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ. وَيُفَسِّرُهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ عِنْدَ السُّؤَالِ رَقَّ عِلْمُهُ عِنْدَ الرِّجَالِ. وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ: قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ. وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ ذُلَّ التَّعْلِيمِ سَاعَةً بَقِيَ فِي ذُلِّ الْجَهْلِ أَبَدًا. أَسْنَدَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِيمَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْ ذَيْلِهِ عَلَى (تَارِيخِ بَغْدَادَ) ، وَنَظَمَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ:
عَنِ الْأَصْمَعِيِّ جَاءَتْ إِلَيْنَا مَقَالَهْ ... تُجَدِّدُ بِالْإِحْسَانِ فِي النَّاسِ ذِكْرَهْ
مَتَى يَحْتَمِلُ ذُلَّ التَّعْلِيمِ سَاعَهْ ... وَإِلَّا فَفِي ذُلِّ الْجَهَالَةِ دَهْرَهْ
[الِاجْتِنَابُ عَنْ كَتْمِ الْمَسْمُوعَاتِ] :
(وَاجْتَنِبِ) أَيُّهَا الطَّالِبُ (كَتْمَ السَّمَاعِ) الَّذِي ظَفِرْتَ بِهِ لِشَيْخٍ مَعْلُومٍ، أَوْ كَتْمَ شَيْخٍ اخْتُصِصْتَ بِمَعْرِفَتِهِ عَمَّنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ إِخْوَانِكَ الطَّلَبَةِ ; رَجَاءَ الِانْفِرَادِ بِهِ عَنْ أَضَرَابِكَ، (فَهْوَ) ; أَيِ: الْكَتْمُ، (لُؤْمٌ) مِنْ فَاعِلِهِ يَقَعُ مِنْ جَهَلَةِ الطَّلَبَةِ الْوُضَعَاءِ كَثِيرًا، وَيُخَافُ عَلَى مُرْتَكِبِهِ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِ ; إِذْ بَرَكَةُ الْحَدِيثِ إِفَادَتُهُ، وَبِنَشْرِهِ يَنْمَى وَيَعُمُّ نَفْعُهُ.
قَالَ مَالِكٌ: بَرَكَةُ الْحَدِيثِ إِفَادَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute