للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُخْشَى فَوْتُهُ، وَرُوَاةُ (الْبُخَارِيِّ) فِيهِمْ كَثْرَةٌ، كَمَا اتَّفَقَ فِي عَصْرِنَا لِلزَّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزَّرْكَشِيِّ الْحَنْبَلِيِّ آخِرِ مَنْ سَمِعَ (صَحِيحَ مُسْلِمٍ) عَلَى الْبَيَانِيِّ ; فَإِنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّشَاغُلُ عَنْهُ بِـ (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) الَّذِي اسْتَمَرَّ بَعْدَهُ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا فِي حَيَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَرُبَّمَا فَاتَ وَلَا يُوجَدُ مِثْلُهُ.

(ثُمَّ) أَرْدِفْهُمَا بِكُتُبِ (السُّنَنْ) الْمُرَاعِي مُصَنِّفُوهَا فِيهَا الِاتِّصَالَ غَالِبًا، وَالْمُقَدَّمُ مِنْهَا كِتَابُ أَبِي دَاوُدَ ; لِكَثْرَةِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ كِتَابُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ ; لِيَتَمَرَّنَ فِي كَيْفِيَّةِ الْمَشْيِ فِي الْعِلَلِ، ثُمَّ كِتَابُ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ ; لِاعْتِنَائِهِ بِالْإِشَارَةِ لِمَا فِي الْبَابِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَبَيَانِهِ لِحُكْمِ مَا يُورِدُهُ مِنْ صِحَّةٍ وَحُسْنٍ وَغَيْرِهِمَا.

(وَ) يَلِيهَا كِتَابُ (السُّنَنِ) لِلْحَافِظِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ (الْبَيْهَقِي) ، فَلَا تَحِدْ عَنْهُ ; لِاسْتِيعَابِهِ لِأَكْثَرِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ، بَلْ لَا نَعْلَمُ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - فِي بَابِهِ مِثْلَهُ.

وَلِذَا كَانَ حَقُّهُ التَّقْدِيمَ عَلَى سَائِرِ كُتُبِ السُّنَنِ، وَلَكِنْ قَدَّمْتُ تِلْكَ لِتَقَدُّمِ مُصَنِّفِيهَا فِي الْوَفَاةِ وَمَزِيدِ جَلَالَتِهِمْ، (ضَبْطًا وَفَهْمًا) ; أَيْ: بِالضَّبْطِ فِي سَمَاعِكَ لِمُشْكِلِهَا، وَالْفَهْمِ لِخَفِيِ مَعَانِيهَا، بِحَيْثُ إِنَّكَ كُلَّمَا مَرَّ بِكَ اسْمٌ مُشْكِلٌ أَوْ كَلِمَةٌ مِنْ حَدِيثٍ مُشْكِلَةٍ تَبْحَثُ عَنْهَا، وَتُودِعُهَا قَلْبَكَ، فَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ لَكَ عِلْمٌ كَثِيرٌ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>