للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لَا تَتَسَاهَلَنَّ فِي الْمُذَاكَرَةِ، بَلْ (الِاتْقَانَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ، فِيهَا وَفِي شَأْنِكَ كُلِّهِ (اصْحَبَنْ) بِنُونِ التَّأْكِيدِ الْخَفِيفَةِ، فَالْحِفْظُ - كَمَا قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ - الْإِتْقَانُ.

[مَعْنَى التَّأْلِيفِ وَفَوَائِدِهِ] :

(وَبَادِرْ إِذَا تَأَهَّلْتَ) وَاسْتَعْدَدْتَ (إِلَى التَّألِيفِ) الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّخْرِيجِ وَالتَّصْنِيفِ وَالِانْتِقَاءِ ; إِذِ التَّأْلِيفُ مُطْلَقُ الضَّمِّ، وَالتَّخْرِيجُ إِخْرَاجُ الْمُحَدِّثِ الْأَحَادِيثَ مِنْ بُطُونِ الْأَجْزَاءِ وَالْمَشْيَخَاتِ وَالْكُتُبِ وَنَحْوِهَا، وَسِيَاقُهَا مِنْ مَرْوِيَّاتِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَوْ أَقْرَانِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا وَعَزْوُهَا لِمَنْ رَوَاهَا مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ وَالدَّوَاوِينِ مَعَ بَيَانِ الْبَدَلِ وَالْمُوَافَقَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا سَيَأْتِي تَعْرِيفُهُ، وَقَدْ يُتَوَسَّعُ فِي إِطْلَاقِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ وَالْعَزْوِ.

وَالتَّصْنِيفُ جَعْلُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ، وَالِانْتِقَاءُ الْتِقَاطُ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكُتُبِ وَالْمَسَانِيدِ وَنَحْوِهَا مَعَ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ مِنْهَا عُرْفًا مَكَانَ الْآخَرِ، فَبِاشْتِغَالِكَ بِالتَّأْلِيفِ (تَمْهَرْ) - بِالْجَزْمِ مَعَ مَا بَعْدَهُ جَوَابًا لِلشَّرْطِ الْمَنْوِيِّ فِي الْأَمْرِ - فِي الصِّنَاعَةِ، وَتَقِفْ عَلَى غَوَامِضِهَا، وَتَسْتَبِنْ لَكَ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهَا، (وَتُذْكَرْ) بِذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحَصِّلِينَ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، وَيُرْجَى لَكَ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ الرُّقِيُّ إِلَى أَوْجِ الْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ وَالدَّرَجَاتِ الْعَلِيَّةِ الْجَسِيمَةِ.

وَقَدْ قَالَ الْخَطِيبُ، كَمَا رُوِّينَاهُ فِي جَامِعِهِ: قَلَّمَا يَتَمَهَّرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَيَقِفُ عَلَى غَوَامِضِهِ، وَيَسْتَبِينُ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهِ إِلَّا مَنْ جَمَعَ مُتَفَرِّقَهُ، وَأَلَّفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>