للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غنيمات لنا فجئتها فرأيتها قد غرست عكازاً وعليها جبة صوف مكتوب عليها لا تباع ولا تشرى والغنم ترعى مع الذئاب بلا ضرر وهي تصلي فلما رأتني أوجزت في صلاتها ثم قالت يا ابن زيد ليس هذا موضع الموعد فقلت ومن أين عرفتيني فقالت الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وفي رواية أخرى قالت جالت روحي وروحك في عالم الملكوت فتعارفنا فقلت لها عظيني فقالت واعجبا من واعظ يوعظ ثم قالت يا ابن زيد لو وضعت معيار القسط على جوارحك لخبرتك بمكنون ما فيها يا ابن زيد ما من عبد أعطاه الله شيئاً من الدنيا فأبتغى إليه ثانياً إلا سلبه الله حب الخلوة معه وبدله بعد القرب البعد وبعد الأنس الوحشة وأنشدت: مات لنا فجئتها فرأيتها قد غرست عكازاً وعليها جبة صوف مكتوب عليها لا تباع ولا تشرى والغنم ترعى مع الذئاب بلا ضرر وهي تصلي فلما رأتني أوجزت في صلاتها ثم قالت يا ابن زيد ليس هذا موضع الموعد فقلت ومن أين عرفتيني فقالت الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وفي رواية أخرى قالت جالت روحي وروحك في عالم الملكوت فتعارفنا فقلت لها عظيني فقالت واعجبا من واعظ يوعظ ثم قالت يا ابن زيد لو وضعت معيار القسط على جوارحك لخبرتك بمكنون ما فيها يا ابن زيد ما من عبد أعطاه الله شيئاً من الدنيا فأبتغى إليه ثانياً إلا سلبه الله حب الخلوة معه وبدله بعد القرب البعد وبعد الأنس الوحشة وأنشدت:

يا واعظاً قام لاحتساب ... يزجر قوماً عن الذنوب

تنهى وأنت السقيم حقاً ... هذا من المنكر العجيب

لو كنت أصلحت قبل هذا ... غيك أو تبت من قريب

كان لما قلت يا حبيبي ... موقع صدق من القلوب

تنهي عن الغيّ والتمادي ... وأنت في النهي كالمريب

قال ثم سألتها ما بال الذئاب التي مع الغنم لا تضرها فقالت أصلحت ما بيني وبينه فأصلح ما بين الذئاب والغنم وفي الكتاب المذكور عن ابن المبارك قال بينما أطوف في الجبال إذا أنا بشخص فلما دنا مني إذا هو امرأة عليها ثياب من صوف فلما دنت سلمت ثم قالت من أين قلت غريب قالت وهل تجد مع سيدك وحشة الغربة وهو مؤنس الضعفاء ومحدث الفقراء فبكيت فقالت ما بكاؤك ما أسرع ما وجدت طعم الدواء قلت هكذا العليل ثم قلت عظيني يرحمك الله فأنشدت:

دنياك غرارة فذرها ... فإنها مركب جموح

دون بلوغ الجهول منها ... منيته نفسه تطوح

لا تركب الشرّ فاجتنبه ... فإنه فاحش قبيح

والخير فاقدم عليه جهراً ... فإنه واسع فسيح

فقلت زيديني قالت سبحان الله أو ما في هذا الموقف من الفوائد ما أغنى عن الزائد قلت لا غنى لي عنه فقالت أحبب ربك شوقاً إلى لقائه فإن له يوماً يتجلى فيه لأوليائه.

وفيه عن أبي الفيض ذي النون المصري رضي الله عنه قال بينما أنا في السياحة إذا لقيتني امرأة فقالت من أين قلت غريب فقالت كما قيل لابن المبارك إلا أنها زادت حيث نهت عن البكاء بأن قالت البكاء راحة القلب فما كتم شيء أحق من الشهيق والزفير فإذا أسبلت الدمعة استرحت وهذا ضعف عند العقلاء فتعجبت من ذلك وقال وصف لي رجل فقصدته فأقمت على بابه أربعين يوماً فلما رآني بعدها هرب مني فقلت له سألتك بالله إلا ما وقفت فقال ما تريد فقلت تعرفني بما عرفته فقال إن لي حبيباً إذا قربت منه قربني وأدناني وإذا بعدت صوب بي وناداني وإذا قمت باليسير رغبني ومناني وإذا عملت بالطاعة زادني وأعطاني وإذا عملت بالمعصية صبر علي وتأناني فهل رأيت مثله انصرف عني ولا تشغلني ثم ولى يقول:

حسب المحبين في الدنيا بأنّ لهم ... من ربهم سبباً يدني إلى سبب

قوم جسومهم في الأرض سائرة ... وإن أرواحهم تختال في الحجب

لهفي على خلوة منه تسدّدني ... إذا تضرّعت بالاشفاق والرغب

يا رب يا رب أنت الله معتمدي ... متى أراك جهاراً غير محتجب

<<  <   >  >>