قيل أعظم الولائم الإسلامية اثنتان: إحداهما وليمة زفاف الرشيد على زبيدة كانت الهبات فيها غير محصورة حتى أنهم كانوا يهبون أواني الذهب مملوءة بالفضة وأواني الفضة مملوءة بالدنانير ونوافج المسك وقطع العنبر وجليت في درع من الدر لم يقدر أحد على تقويمه وضبط ما خرج فكان خمساً وخمسين ألف ألف وثانيتهما وليمة بوران على المأمون فرش فيها حصير منسوج بالذهب ونثر عليها من اللالي ما أغنى خلقاً كثيراً قال شارح المقامات تقرر ما خرج من بيت المال فكان أربعين ألف ألف وقال غيره عن زبيدة سبعة وثلاثين وأوقد فيها شمعة من العنبر زنتها ثمانون رطلاً وكتب رقاعاً بأسماء ضيع ورساتيق وصلات وجعلها في بنادق المسك في النثار فكان الذي يلتقط شيئاً منها يحبس عليه وقيل كان الحطب الذي أوقد فيها قد نقل بأربعة آلاف بغل أربعة أشهر فلم يكف حتى أوقد المكان.
[فائدة]
في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث من العجز في الرجل أن يلقى من يحب معرفته فيفارقه قبل أن يعرف اسمه وأن يكرمه أخوه فيرده عليه كرامته وأن يقارب المرأة فيصيبها قبل أن يحادثها ويؤانسها فيقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجتها منه وبهذا وافقت الحكمة السنة فإن أبقراط يقول أكثر آفات قلة الولادة من عدم الموافقة فمن لم يدركها بالمعرفة فعليه بالملاعبة ويكره الجماع في المحاق وأول الشهر ما عدا رمضان قل وليلة النصف.
[لطيفة ووصية]
قال بعض الحكماء خبر النساء ما عفت وكفت ورضيت باليسير وأكثرت التزين ولم تظهره لسوى زوجها وخير الرجال الذي لم يكل المرأة إلى طلب شيء ولم يعصها في الخلوة ولم يطعها في شهوة قال بعض من شرح هذا الكلام المراد بعفت يعني حصنت الزوج من حسنها أن يطمح إلى غيرها وكفت لسانها عن الأذى وبالتزين مطلق التلطف ولو بالكلام المضحك المطفىء للغضب فإن غاية النساء السكون إليهن من الوصب وبقوله لم يطعها في الشهوة يعني المفضية إلى تبذلها كالخروج ورفع الصوت لا فيما تشتهيه من مأكل وملبس فإن قطع ذلك عنها إعانة لها على الفساد وزاد بعضهم أن لا يذكر الرجل محاسن المرأة لأحد فإن ذلك يؤول إلى نزعها منه وعلى ذكر التحبب ولو بالكلام نقل ابن الجوزي عن بعضهم. قال: قلت لجاريتي ألا تلبسين الحلى قال: لا لأنه يستر المحاسن كما يستر القبائح وقلت لها اجلسي بنا في القمر فقالت: ما أولعك بالجمع بين الضرائر وكسفت الشمس يوماً فقالت: ما كسفت الاحياء مني.
[لطيفة]
اللذات أربع: لذة ساعة وهي الجماع، ولذة يوم وهي الحمام، ولذة جمعة وهي النورة، ولذة حول وهي تزويج البكر.
[نادرة]
جاءت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقول الليل وكررت ذلك وعمر يقول كل مرة جزاك الله خيراً من مثنية على بعلها فقال: كعب إنها يا أمير المؤمنين تطلبه بحق الفراش فقال: حيث فهمت ذلك فاقض بينهما فأحضر الزوج وقال: إن امرأتك تشكو فقال: لم أقصر في شيء فأنشدت:
يا أيها القاضي الحكيم رشده ... ألهي خليلي عن فراشي مسجده
نهاره وليله ما يريده ... فلست في حكم النساء أحمده
زهده في مضجعي تعبده ... فاقض القضايا كعب لا تردده
فقال زوجها:
زهدني في فرشها وفي الحجل ... إني امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النمل وفي السبع الطول ... وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب:
إن لها حقاً عليك يا رجل ... تصيبها في أربع لمن عقل
قضية من ربنا عز وجلّ ... فأعطها ذاك ودع عنك العلل
فإن خير القاضيين من عدل ... وقد قضى بالحق جهرأ وفصل
ثم قال له الله قد أحل لك أربع نساء فاجعل لها ليلة من أربع. فقال عمر رضي الله عنه: لا أدري من حلمك أم من فهمك وولاه البصرة.
[وصية]
قيل كانت العرب توصي بناتها بما يوجب الألفة فتقول للواحدة: كوني له أرضاً يكن لك سماء وكوني مهاداً يكن عماداً وأمة يكن عبداً وفراشاً يكن معاشاً ولا تقربي فيملك ولا تبعدي فينساك ولا تعاصيه شهوته وعليك بالنظافة ولا يرى منك إلا حسناً ولا يشم إلا طيباً ولا يسمع إلا ما يرضى ولا تفشي سره فتسقطي من عينه ولا تفرحي إذا غضب ولا تغضبي إذا فرح.
لطيفة