للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهاب الحجازي

في ثوبها الخمريّ قد أقبلت ... بوجنة حمراء كالجمر

فملت سكراً حين أبصرتها ... لا تنكروا سكري من الخمر

ابن تميم

جاءت بعود كلما لعبت به ... لعبت بي الأشجان والتبريح

غنت فجاوبها ولم يك قبلها ... شجر الأراك مع الحمام ينوح

الصلاح الصفدي

أتتنا بعود حركته أنامل ... هي الماء لطفاً في اتباع الأناشيد

يكاد وقد جست ملاويه يكتسي ... بأوراقه لما جرى الماء في العود

[ومما يلحق بهذا الفصل التلميح]

وهو نوع لطيف جليل المقدار في البديع عظيم الفائدة في الايصال إلى المطلوب من نحو نكاية الخصم وبلوغ الأرب من ذوي الفهم ولم تدر الأغبياء وجل علماء المعاني على أن التلميح يرادفه والصحيح أنه أخص فمن طريق ما حكى فيه أن أبا العلاء المعري حضر مجلس الشريف الموسوي فنال من المتنبي وكان أبو العلاء ينتصر له فقال للشريف لو لم يكن من شعره إلا قوله:

لك يا منازل في القلوب منازل

لكفاه فأمر به فسحب من وجهه وعوتب الشريف في ذلك فقال إنما قد قصد قوله في القصيدة:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل

وأثنى سيف الدولة يوماً على المتنبي فبالغ وكان الرفاء حاضراً فقال أشتهي أن تنتخب قصيدة من كلامه وتأمرني بمعارضتها لتعلم إنك أركبته في غير سرجه فقال بديهة عارض قوله:

لعينك ما يلقي الفؤاد وما لقي

قال الرفاء فتصفحتها فلم أجدها كبير أمر فعلمت أن هناك نكتة فأعلمت الذهن في إخراجها فإذا أنابه قد أراد قوله:

إذا شاء أن يلهو بلحية أحمق ... أراه غبارى ثم قال له الحق

وحكى أن ولادة بنت عبد الرحمن بن الحكم كانت من أظرف نساء زمنها وكان لها بعد أن قعد بها الدهر ولوع بالوزير أبي الوليد فكتبت إليه وقد غضبت منه.

أن ابن زيدون على فضله ... يلهج بي شتماً ولا ذنب لي

يلحظني شزراً إذا جئته ... كأنني جئت لأخصي علي

أشارت بذلك إلى عبد للوزير كان متهماً به ودعت امرأة للرشيد يوماً فقالت أتم الله أمرك وفرحك بما آتاك وزادك رفعة لقد عدلت فأقسطت فقال لجلسائه ما أرادت هذه قالوا خيراً فقال إنها تدعو علي فإن قولها أتم الله أمرك تريد قول الشاعر:

إذا تم أمر بدا نقصه ... ترقب زوالاً إذا قيل تم

وقولها فرحك الله بما آتاك تريد قوله عز وجل حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة وقولها وزادك رفعة تريد قول الشاعر:

ما طار طير وارتفع ... إلا كما طار وقع

وقولها لقد عدلت فأقسطت تريد قوله تعالى وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً ثم استقرها فأقرت فقال وما ذنبي إليك قالت قتلت رجالي وأخذت أموالي ممن أنت قالت من بني برمك فقال أما الرجال ففاتوا وأما المال فيأتيك ورده إليها وسأل أحد الظرفاء امرأة ملفوفة في كساء فقال من أنت قالت أنا السادس في السابع تريد قول ابن سكرة:

جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا

كن وكيس وكانون وكاس طلا ... مع الكباب وكس ناعم وكسا

ومثله ما حكاه ابن الجوزي قال التقي رجل وامرأة على جسر بغداد فقال الرجل رحم الله ابن الجهم فقالت المرأة رحم الله أبا العلاء المعري وافترقا فتبعها رجل فقال لها أقسعت عليك إلا ما أخبرتني ما أراد وأرادت فقالت أراد بابن الجهم قوله:

عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

وأردت بقولي أبا العلاء قوله:

فيا دارها بالخيف إن مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال

<<  <   >  >>