للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعالمنا منهم نبي ومن دعا ... إلى الحق منا قام بالرسلية

وأصرح منه قوله:

فما كان منه معجز أصار بعده ... كرامة صديق له أو خليفة

رجع إلى كلام المترسمين قال القاضي الفاضل:

قد استخدمت بالأفكار سري ... وما أطلقت لي بالوصل أجره

ولم أرها على الأيام إلا ... عقدت مودة وحللت صره

ولا استمطرت سحب العين إلا ... وصرت بأدمعي في الشمس عصره

ابن عبد الظاهر

لا تسلني عن أول العشق إني ... أنا فيه قديم هجر وهجره

من دموعي ومن جبينك ... أرخت غرامي بمستهل وغره

المتنبي

أتراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقة في الأماقي

وله أيضاً:

وهبت السلو لمن لا منى ... وبت من الشوق في شاغل

كأن الجفون على مقلتي ... ثياب شققن على ثاكل

وقال آخر

ولم أنس لا أنس ذاك الخضوع ... وفيض الدموع وغمز اليد

وخدي يضاف إلى خدها ... قياماً إلى الصبح لم نرقد

إبراهيم بن المعمار

وبي غضبان لا يرضيه إلا ... دموع ساكبات مستمره

فما عطفت معاطفة بوصل ... وفي عينيّ بعد الهجر قطره

وقال آخر

وقال ما بال عينيك مذ رأت ... محاسن هذا الظبي أدمعها هطل

فقلت زنت عيني بنظرة طلعة ... فحق لها من فيض أدمعها غسل

السري الرفاء

بروحي من رد التحيه ضاحكاً ... فجدّد بعد اليأس في الوصل مطمعي

وحالت دموع العين بيني وبينها ... كأن دموع العين تعشقة معي

وقال آخر

وقائلة ما بال دمعك أسودا ... ولونك مصفراً وأنت نحيل

فقل لها أن الدموع تجففت ... وهذا سواد المقلتين يسيل

ابن وكيع

وسحاب إذا همي الماء فيه ... ألهب الرعد في حشاء البروقا

مثل ماء العيون لم يجر إلا ... ظل يذكي على القلوب الحريقا

المسعودي شارح المقامات

قالت عهدتك تبكي ... دماً حذار التنائي

فلم تعوّضت عنها ... بعد الدماء بمائي

فقلت ما ذاك مني ... ولم يكن بمنائي

لكن ضلوعي شابت ... من طول عمر التنائي

وقال آخر

كانت دموعي حمراً يوم بينهم ... فمذ نأوا قصرتها بعدهم حرقي

قطفت باللحظ ورداً من خدودهم ... فاستقطر البين ماء الورد من حدقي

ابن الناشيء الأكبر

بكيت الفراق وقد راعني ... بكاء الحبيب لفقد الديار

كأن الدموع على خدها ... بقية طل على جلنار

وقلت

ومحجوبة مذ كلمتني كلمت ... فؤادي وألقت بين سمعي وناظري

إلى أن رأتها مقلتي فاض دمعها ... على الأرض أمثال البحور الزواخر

فقالت عقيقاً ما أرى قلت بل د ... مي جرى عندما من هجرك المتواتر

[فصل]

في نفي كدر الهم والصدود باستجواب الأماني والوعود والتعلل بالأماني والطمع في التهاني وهو أصل انقسمت فيه العشاق إلى قسمين قسم وفي له محبوبه وحصل له بعد الوعد مطلوبه وهو العزيز النادر وغير الوافي الوافر وقسم مات بغصته وحالت المنية بينه وبين أمنيته وانتهاز فرصته وأعجب ما فيه أن الراضون به مع العلم بزوره أكثر العشاق وأغلب من نودي عليه في هذه الأسواق وقد كشف عن غامض هذه الطريقة واستثنى الرضا بزور هذه الحقيقة الأستاذ رضي الله عنه فقال:

عديني بوصل وأمطلي بنجازه ... فعندي إذ أصح الوفا حسن المطل

وما الصد إلا الود ما لم يكن قلي ... وأصعب شيء دون اعراضكم سهل

ثم تجرد من ثياب هذه الطريقة وانغمس في بحار الحقيقة فانطوت نفسه الأبية في مطاوي الحقائق القدسية فقال:

إن لم يكن وصل لديك فعد به ... أملي وماطل إن وعدت ولا تفي

وأما المترسمة فقد أكثروا في هذا الباب الأقوال واختلفوا باختلاف الأحوال قال بعضهم:

أعلل بالمني قلبي لعلي ... أروح بالأماني ألهم عني

<<  <   >  >>