فقال أنت نبية مرسلة فقبلها وغنته ثم قالت يا أبا إسحق أرأيت أسقط من هؤلاء يدعونك ويخرجونني إليك ولا يشترون ريحاناً بدرهم يا أبا إسحق هلم واعطني درهماً اشتر به ريحاناً فوثب وصاح واحرباه أي زانية أخطأت استك الحفرة انقطع والله عنك الوحي الذي كان يوحي إليك وعطعط القوم وعلموا أن حيلتها لم تنفذ فيه ثم خرج ولم يعد إليهم وأعاد القوم مجلسهم فكان أكثر شغلهم فيه حديث مزيد والضحك منه وحكى أبو يعقوب قال حضرت مجلس حماد عجرد ومعنا غلام جميل فجعل يرمقه حتى حزر المكان الذي ينام فيه فلما هجع الناس وقد اختف النوام فكنت موضع الغلام قام حماد فدب علي فأخذت يده وجعلتها على عيني العوراء فلما عرف ولى وهو يقول وفديناه بذبح عظيم وروي أن نصرانياً وجد مع مسلمة آخر يوم صومه فأكره علي الاسلام فأسلم وضرب مائة سوط وأخذ منه مائة دينار وكان أول يوم من رمضان فصام مع الناس فقيل له بعد أيام كيف حالك فقال كيف حال من صام خمسين وأتبعها بثلاثين وضرب مائة ووزن مائة وخرج من ملة إلى أخرى وزوج فاجرة وسأل رجل عالماً فقال أفطرت يوماً من رمضان سهواً قال صم عوضه قال صمت عوضه وأتيت أهلي وعندهم طعام فسبقتني يدي إليه فأكلت منه قال تقضي يوماً آخر قال قضيته وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة فأكلت ساهياً فما ترى قال أرى أن لا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك ودخل رجل على الشعبي وعنده امرأة فقال أيكما الشعبي فقال هذه واشترى جحا يوماً دقيقاً وأعطاه لحمال فلما دخلوا في الزحام هرب الحمال بالدقيق فرآه جحا بعد أيام فتوارى منه فقيل له لم ذلك فقال أخاف أن يطالبني بالأجرة وقدم إلى أبي حازم القاضي سكران ليمتحنه فقال له من ربك فقال أصلحك الله ليس هذا من مسائل القضاة إنما هو من مسائل منكر ونكير فضحك وخلى سبيله وولى رجل تفرقة مال على العميان والأيتام والقواعد من النساء فدخل عليه رحل ومعه ولده فقال أثبتني في القواعد فقال ويلك أنهن نساء لا أزواج لهن وأنت رجل فقال أثبتني في العميان فقال صدقت فإن الله تعالى يقول " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوت التي في الصدور " وقال وأثبت ولدي أيضاً في الأيتام فقال أفعل ذلك لأن من أنت أبوه فهو يتيم دخل جحا على المهدي يوماً فقال له كم عيالك قال ثمانية فأمر له بثمانية آلاف درهم فأخذها وخرج لما بلغ الباب رجع وقال نسيت واحداً من عيالي قال من هو قال أنا فضحك المهدي وأمر له بمثل ذلك مر يهودي في سوق وكان كاتباً فصاح به صبي يا عم قف حتى أصفعك فالتفت إليه وقال أنا مستعجل أصفع أخي عني وقال بعض السوقة هذه النعل في قفاك فقال له إذا كان في رجل أختك ومثل ذلك رجل قال لامرأة في يدها خف ليته على كتفي فقالت بشرط أن يكون فارغاً وقال رجل لآخر إني أعرف صناعة الفضة وأريد أن أعلمك ولكن أحتاج إلى ألف درهم للالآت فأعطاه فمضى ولم يعد فقيل له قد خدعك وكذب عليك قال لا لأنه علمني كيف صناعة الفضة أي أخذها وكيفية الحيلة فإن شئت أن أفعل مثله فعلت.
[فصل في ذكر نبذة من لطائف الأشعار ملتقطة مما ختم به الكتاب]
وفي غضون الحكايات قد سلكنا طريقتنا المعروفة من نحو حذف المكرر وانتقاء المستلطف.
بعض الأعراب
ألا يا حمام الشعب شعب مؤنش ... سقيت الغوادي من حمام ومن شعب
سقيت الغوادي رب خود خريدة ... أصاخت لخفض من غنائك أو نصب
فإن يرتحل صحبي بجثمان اعظمي ... يقم قلبي المحزون في منزل الركب
ابن المرزبان
لئن كنت لا أشكو هواك فإنني ... أخو زفرات والفؤاد كئيب
فإن كان قلبي فيك يضني صبابة ... وقد مرضت من مقلتيك قلوب
فما عجت موت المحبين في الهوى ... ولكن بقاء العاشقين عجيب
أبو عكرمة الضبي
فلو أن ما بي بالحصا قلق الحصا ... وبالريح لم يسمع لهن هبوب
ولو أنني أستغفر الله كلما ... ذكرتك لم تكتب على ذنوب
ولو أن أنفاسي أصابت بحرها ... حديداً إذا ظل الحديد يدوب
صاحب الأصل
وروض أتيانه عشية أقبلت ... ملاح البرايا من غضيض وغضة
حكى لونه والبيض محدقة به ... زمردة خضراء في وسط فضه