سلاه بأم العمر يشفي فقد بدا ... به السقم لا يخفى وطول هوان
فما زادنا بعد المدى نقص حده ... ولا رجعنا عن عملنا ببيان
خليليّ لا والله ما لي بالذي ... تريدان من هجر الصديق يدان
ولا لي بالهجر اعتلاق إذا بدا ... كما أنتما بالبين معتلقان
ولا لاهياً يوماً إلى اليوم كله ... ببيض لطيفات الخصور رواني
يمنيننا حتى يرعن قلوباً ... ويخلطن مطلاً ظاهراً بليان
أعينيّ يا عينيّ حتام أنتما ... بهجران أم العمر تختلجان
فما أنتما إلا عليّ طليعة ... على قرب اعتدائي كما ترياني
فلو أن أم العمر أضحت مقيمة ... بمصر ودوني الشحر شحر عمان
إذن لرجوت الله يجمع بيننا ... وأنا على ما كان ملتقيان
من البيض نجلاء العيون كلاهما ... مقيم وعيشي ضارب بجران
أفي كل يوم أنت رام بلادها ... بعينين إنساناً هما غرقان
إذا ذرفت عيناي قالت صحابتي ... لقد ولعت عيناك بالهملان
ألا فاحملاني بارك الله فيكما ... إلى حاضر الروحاء ثم ذراني
هذا ما نقله الجل، واخرج هنا عن الأغاني من قوله ولا لاهياً يوماً إلى آخر القصيدة لم ينشده الشامي قلت وقوله ففي كل يوم أنت رام وقوله ألا فاحملاني البيتان مسروقان من كلام عروة بن حزام.
ثم نزل وجاء اخوتهما فأكرموه ودلوه على الطريق بعد أن استخبروا منه عن كعب وموضعهن ثم توجهوا في طلبه وضعفت ميلاء على ما رواه في نهاية الأدب بصداع أصابها.
فلما حضروا بكعب نزل ناحية، وصادف وقت وفاتها فرأى الناس عند عند البيت مجتمعين، فأحس قلبه بالشر. فقال لصبي بإزاء البيت الذي هو فيه من أبوك.
قال كعب وكان تركه صغيراً حين مضى إلى الشام فقال له ما اجتماع الناس على طنب هذا البيت قال على خالتي ميلاء ماتت الساعة. فلما سمع ذلك وضع يده على قلبه واستند إلى طنب البيت، وحرك فوجد ميتاً فدفنوه إلى جانبها رحمة الله عليهما.
[القسم الثاني]
[فيمن جهل اسمه أو اسم محبوبته أو شيء من سيرته أو مآل حقيقته]
ختمناه بصنف لطيف القوانين في ذكر عقلاء المجانين، ونحن وإن كنا قد ذكرنا من هذا النوع فيما سلف بعضاً، لكنهم إنما نقصوا شيئاً مما ذكرنا بالنسبة إلى هذا الكتاب لقلة فحصه وإلا فهم مشهورون كثيراً بخلاف من يأتي بعد، وستقف على كثي منهم كامل النسب.
والأسباب أذكره إن شاء الله تعالى لكنه غير قوي الشهرة ولم أتبعه في التنويع بأن أقول نوع فيمن نزل به الحال ونحو ذلك إذ لا طائل فيما صنع، ولا فائدة فيما نوع ووضع وإنما كان الأولى أن يذكر المشاهر ثم أهل الجاهلية وهكذا كما وقع ترتيبه هنا وهؤلاء القوم كثيرون.
[فمنهم]
[سامة بن لؤي بن غالب القرشي مشهور]
قال في النزهة نحر يوماً لضيوف مائة من الابل فأكلوا قليلاً وبقي الغالب فعاتبه أخوه كعب في ذلك وقال له لو بقيت عليها الحاجة كان أولى فغضب منه ورحل مستخفياً فنزل عن أزيد فنظرت إليه زوجته فوقع من قلبها، وهي من قلبه وزوجها يرصدهما فلم يستطيعا أن يعرف كل منهما الآخر ما عنده فاستاك أسامة ورمى السواك فأخذته وامتصته ففطن زوجها لذلك فعزم على قتله فسم له قدحاً من لبن وقدمه إليه فغمزته فأراقه ثم ركب وسار فهوت ناقته في الخميلة إلى عرفجة لترعاها فلما جذبتها خرجت حية فضربت ساق سامة فمات لوقته وبلغه الأزدية فلم تزل تبكيه حتى ماتت ولولا ما في هذه الحكاية من الاعتبار بمصادفاة الأقدار لم أوردها إذ لا مناسبة لها بهذا المعيار.
[ومنهم]
عمرو بن عوف وبيا