وبهما ضرب المثل فقالوا أشغل من ذات النحيين وأظلم من خوات قال الأصمعي بينا نحن بطريق مكة إذا بأعرابي يقول من أحسن من بعير بعنقه علاط وبأنفه خزامة يتبعه بكرتان سمراوان عهد العاهد به عند البئر فقالت جويرية على حوض أعزب يا فاسق لا أرد الله عليك ضالتك فقلنا مالك ولمن ينشد ضالته قالت إنما ينشد ... قوله علاط بالمهملة حبل يجعل في عنق البعير وسمراوان يريد اللون المعروف ويحتمل أنه تثنية سمراء يعني الناقة وجيء لأبن أبي مساحق بابن أخته وقد أحبل جارية فقال له هبك ابتليت بالفاحشة فهلا عزلت فقال جعلت فداءك بلغني أن العزل مكروه فقال وما بلغك أن الزنا حرام وكان بمكة رجل تجتمع الرجال والنساء عنده للفساد فشكوه فنفاه الوالي إلى عرفات فقال لأصحابه يوماً ما يمنعكم أن تأتوا إلي على العادة فقالوا كيف لنا بذلك فقال حمار بدرهمين وقد صرتم إلى الأمن والنزهة فقالوا صدقت وفعلوا فعاد أمره أعظم فرفعوه إلى الوالي فقال ألم أنهك فقال أصلحك الله إنهم يكذبون علي فقالوا للوالي اجمع حمير مكة وأرسلها فإن لم تأت بيته فنحن كاذبون عليه ففعل فمضوا إلى بيته فجرده ليضر به فقال أو ضار بي أنت قال نعم فقال أفعل فوالله ما بي إلا قول أهل العراق إن أهل مكة يحكمون بشهادة الحمير فضحك وخلى سبيله وفي منازل الأحباب قال غلام جئت حياً قد أزمعوا الرحيل وامرأة على أحسن ما يكون من الحسن والهيئة والثياب قد تخلفت تهيء أمرها فما جنتها يسيراً فقالت أيما أحسن عارياً الرجل أم المرأة فقلت الرجل قالت بل المرأة وإن شئت علمت ذلك بأن أتجرد وأمشي إلى تلك الأكمة وأعود وتعاهدني أن تفعل كذلك فعاهدتها وكنت حين بقل وجهي وأنا على أجمل ما يكون فتجردت عن محاسن تسر القلب وتملأ العين وتمشت كما ذكرت وعادت وسألتني الوفاء ففعلت فلم أمش المسافة حتى تدرعت ثيابي واعتقلت سيفي واستوت على جملي ومضت فلم أجد حيلة إلا أخذ ثيابها وجملها كذلك فكنت أستحي إن الحق القوم وهم يصرخون علي حتى جاءت جارية فجذبت زمام البعير حتى أوصلتني إليهم فجاءت أمها فقالت أي بنية كم أتعبتنا في هذه الليلة وأدخلتني الستر فلما عرفوني واستخبروني عن القصة أخبرتهم بها فقال لي أمها إنها ذهبت إلى صاحب لها وهذا وقت زفافها على رجل به لوثة تعني خبالاً في عقله فهل لك أن تكون مكانها ساعة ولك عندي اليد البيضاء فأجبت إلى ذلك فحين دخلت عليه ما نعته ساعة وأتت المرأة فخرجت اشترت بعضهم عجلاً فكان كلما ركبه يصرعه وهو يحسبه مهراً حتى نجمت قرناه وفي الحلية عن الشافعي قال قيل للحطيئة وقد حضرته الوفاة بم توصي للمساكين قال بالمسئلة قيل في مالك قال للذكور دون الاناث فقالوا ما قال الله هذا فقال لكني أقوله ثم احملوني على حمار فإنه لم يمت عليه كريم وتزوج رجل اسمه حمار بامرأة من ولد دارا فأعجب بها فأمرته بتغيير اسمه فسمى نفسه بغلاً فقالت هو خير لكنك لم تخرج من الاصطبل بعد وأتى كفيف نخاساً فقال له أطلب لي حماراً ليس بالصغير المحتقر ولا الكبير المشتهر إن خلي الطريق تدفق وإن كثر الزحام ترفق لا يصادم بي السواري ولا يدخلني تحت البواري أن أقللت علفته صبر وإن أكثرته شكر وإن ركبته هام وإن ركبه غيري نام فقال له النخاس اصبر فإن مسخ الله القاضي حماراً قضيت حاجتك وشدد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في النهي عن المعاصي كشرب الخمر فقال لصاحبي عسسه وخبره إذا رأيتما سكران فأتياني به فطافا إلى آخر الليل فإذا هما بشيخ حسن الهيئه بهي المنظر قد أخذ منه السكر وهو يقول:
سقوني وقالوا ألا تغني ولو سقوا ... جبال حنين ما سقوني لغنت
فقالا له أما تستحي وأنت بهذه الحالة فقال ارفقا بي فقد شربت مع أخوان أحداث فحين أخذ الشراب مني أخرجوني فقال لصاحب الخبر اكتم علي وأنا أطلقه قال قد فعلت فقال له أذهب يا شيخ ولا تعد قال نعم وأنا تائب فلما كان في الليلة الآتية رأياه كما ذكر وهو يغني.