اصلاح الثغور وَبِنَاء القلاع الحصينة لحمايتها ثمَّ انشأ عدَّة مراكب حربية على شاكلة احدث المراكب الفرنساوية والانكليزية واستحضر عددا عَظِيما من مهرَة المهندسين من السويد وفرنسا لصب المدافع فِي معامل الطوبخانة العامرة واصلح مدرسة البحرية ومدرسة الطوبجية الَّتِي اسسها البارون دي توت المجري وَترْجم لتلامذتها مؤلفات الْمعلم فوبان الفرنساوي فِي فن الاستحكامات واضاف إِلَى مدرسة الطوبجية مكتبة جمع فِيهَا اهم مَا كتب فِي الْفُنُون الحربية الحديثة والرياضيات لتَكون التلامذة على اطلَاع تَامّ فِي كل مَا يخْتَص بترقية شَأْن الطوبجية ثمَّ وضع نظاما للجنود المشاة وَشرع فِي تنسيق فرق جَدِيدَة وتدريبها على النظام الاوروبي فَأَنْشَأَ اول فرقة منتظمة فِي سنة ١٧٩٦ وَجعل عَددهَا ١٦٠٠ جندي تَحت قيادة ضَابِط انكليزي دخل فِي الدّين الاسلامي وَسمي انكليز مصطفى وَكَانَ الْقَصْد من تَرْتِيب العساكر النظامية الِاسْتِغْنَاء بهم عَن جنود الانكشارية الَّذين صَارُوا عَالَة على الدولة وَمن عوامل تاخرها بعد أَن كَانُوا اهم عوامل تقدمها وَقت الفتوحات المستمرة الَّتِي كَانُوا يعودون مِنْهَا بِكَثِير من الْغَنَائِم حَتَّى اعتادوا النهب وصاروا لما لم يَجدوا بلادا مفتتحة حَدِيثا لسلب اهاليها يتعدون على اهالي الاستانة والعواصم الاخرى بالسلب والنهب وَغير ذَلِك فضلا عَن عصيانهم الْمرة بعد الاخرى وعزلهم الصُّدُور والوزراء وتعديهم على السلاطين بِالْعَزْلِ أَو الْقَتْل لما يرَوْنَ مِنْهُم مُعَارضا لفسادهم أَو ضعفا فِي معاقبتهم
هَذَا وَقد كَانَت الدولة فِي اشد الْحَاجة والافتقار لهَذِهِ الاصلاحات الداخلية فَإِن روابط الْوَلَاء بَين الْوُلَاة والعاصمة كَانَت ضعفت وسعى كل فِي الِاسْتِقْلَال أَو فِي عدم دفع الاموال الاميرية إِلَى الخزنة السُّلْطَانِيَّة مَعَ نضوبها بِسَبَب الحروب واغتيالهم لانفسهم واستبد المماليك بِمصْر برئاسة الامراء المصرية واشهرهم مُرَاد بك وابراهيم بك وَعُثْمَان بك البرديسي وَغَيرهم مِمَّا هُوَ مَذْكُور تَفْصِيلًا فِي تَارِيخ الجبرتي