فخلفه من بعده مُلُوك لم يتعقبوا خطواته وَلم ينهجوا منهجه لَا سِيمَا وَقد تألبت عَلَيْهَا الدول الاوروبية وَاخْتلفت عَلَيْهَا الْفِتَن الداخلية فَبَدَأت فِي الانحطاط وانسلخت مِنْهَا اجزاء كَثِيرَة وَكَانَت احيانا تنحط إِلَى ان تولى الْخلَافَة السُّلْطَان سليم الثَّالِث سنة ١٧٨٩ والبلاد فِي اختلال والاحكام فِي ضعف والانكشارية قابضون على زِمَام الامور يولون من شاؤوا من السلاطين ويخلعون من شاؤوا وَيقْتلُونَ من لم يسر وفَاق اهوائهم واغراضهم والبلاد فِي فوضى كَادَت تمزق شملها فهاجه حب الاصلاح وَصرح بميله إِلَى تنظيم الْجند على النمط الحَدِيث وتسليحهم بالاسلحة الحديثة الاختراع فَلم يُوَافق ذَلِك الانكشارية فبطشوا بِهِ فَمَاتَ والاصلاح فِي مهده
على ان الفكرة رسخت فِي اذهان العثمانيين فتلقاها السُّلْطَان مَحْمُود وَعمد إِلَى الاصلاح من الوجهة الادارية والعسكرية فبدد جند الانكشارية واحل محلهم جَيْشًا منظما واخذ يبْعَث بمنشورات الاصلاح إِلَى الْوُلَاة والحكام وَلكنه توفّي وَلم يتمم من فروع الاصلاح الا تنظيم الْجند تنظيما غير تَامّ
وَكَانَت فكرة الاصلاح قد سرت بَين فِئَة من رجال الدولة فاقاموا يبثونها على عهد السُّلْطَان عبد الْمجِيد وَالسُّلْطَان عبد الْعَزِيز واعظمهم شَأْنًا واعلاهم يدا مصطفى