بَيْنَمَا كَانَ عبد الرَّحْمَن باشا آتِيَا مَعَ فرقته الْمُؤَلّفَة من ثَلَاثَة آلَاف جندي لمؤازرة الْوَزير لَكِن كَانَ قد سبق السَّيْف العذل وَقتل مصطفى باشا البيرقدار الا أَن رامز باشا وَعبد الرَّحْمَن باشا وَمن مَعَهُمَا مَا فتؤا يُقَاتلُون الانكشارية حَتَّى انْهَزمُوا امامهم فِي جَمِيع الْجِهَات بعد أَن اسْتمرّ اطلاق البنادق والمدافع فِي الاستانة طول الْيَوْم وَفِي آخر النَّهَار ارتأى رامز باشا البحري الْعَفو عَن الثائرين جَمِيعًا لَو القوا سِلَاحهمْ وسلموا انفسهم لرحمة السُّلْطَان فَلم يُوَافقهُ عبد الرَّحْمَن باشا بل اراد اتِّخَاذ هَذِه الثورة وَسِيلَة لاعدام الانكشارية وابطال طائفتهم كُلية وَوَافَقَهُ السُّلْطَان مَحْمُود على ذَلِك
وَبِنَاء على هَذَا الْقَرار سَارَتْ جيوش السُّلْطَان فِي صَبِيحَة الْيَوْم التَّالِي تتقدمها المدافع تقذف الصَّوَاعِق على الانكشارية من كل صوب وحدب وَلما رأى الثائرون أَن لَا مناص لَهُم من الْهَلَاك اضرموا النَّار فِي جَمِيع جَوَانِب الْمَدِينَة وَلما كَانَت اغلب اماكنها من الْخشب علا لهيب النيرَان وَكَاد الْحَرِيق يلتهمها بأجمعها فاضطر السُّلْطَان للاذعان لطلبات الانكشارية حَتَّى يُمكنهُ انقاذ الْمَدِينَة من الدمار العاجل مُؤَجّلا ابطال هَذِه الفئة الْمفْسدَة إِلَى فرْصَة اخرى وبذل جهده فِي اخماد النيرَان الَّتِي كَادَت تلتهم الْمَدِينَة بأسرها لَو لم يتداركها السُّلْطَان ممود بِحِكْمَتِهِ وَاسْتمرّ الانكشارية فِي ثورتهم وهيجانهم
معاهدة بخارست مَعَ الروسيا
وَبعد انْتِهَاء هَذِه الفئة وَجه السُّلْطَان اهتمامه لاصلاح الشؤون الداخلية والاستعداد لاهلاك طَائِفَة الانكشارية وللتفرغ لذَلِك عقد الصُّلْح مَعَ دولة الانكليز فِي ٢٤ ربيع الثَّانِي سنة ١٢٢٤ ٨ يوليو سنة ١٨٠٩ وافتتح المخابرات مَعَ الروسيا بِدُونِ أَن يتَوَصَّل إِلَى اتِّفَاق مرض للطرفين فاستؤنفت الحركات العدوانية ودارت رحى الْحَرْب بَين الجيشين وَكَانَت نتيجتها أَن انهزم الصَّدْر الاعظم ضيا يُوسُف باشا الَّذِي عين فِي هَذَا المنصب الرفيع بعد موت مصطفى باشا البيرقدار مَعَ أَنه هُوَ الَّذِي انتصر الفرنساويون عَلَيْهِ بِمصْر بِالْقربِ من المطرية سنة ١٧٩٩ وَهَذَا مِمَّا يدل على عدم المامه بفنون الْحَرْب وَاسْتولى الروس على