وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك ان الْبُرْنُس اوجين انتصر عَلَيْهِم فِي موقعة بترواردين فِي يَوْم ٥ اغسطس سنة ١٧١٦ وفيهَا قتل الصَّدْر الاعظم عَليّ باشا داماد لاقتحامه مواقع الْخطر حَتَّى لَا يعِيش بعد الانهزام وَبعد ذَلِك فتح النمساويون مَدِينَة تمسوار بعد ان حاصروها اربعة واربعين يَوْمًا وَوَضَعُوا الْحصار امام مَدِينَة بلغراد ودخلوها فِي ١٩ اغسطس سنة ١٧١٧ بعد ان تغلبُوا على الصَّدْر الْجَدِيد خَلِيل باشا الَّذِي اتى لمساعدة الْمَدِينَة ثمَّ ابتدأت المخابرات للصلح فتم بَينهمَا فِي ٢٢ شعْبَان سنة ١١٣٠ ٢١ يوليو سنة ١٧١٨ على ان تَأْخُذ النمسا ولَايَة تمسوار ومدينة بلغراد مَعَ جُزْء عَظِيم من بِلَاد الصرب وَآخر من بِلَاد الفلاخ وان تبقى جمهورية البندقية محتلة ثغور شاطئ دلماسيا اما بِلَاد موره فترجع إِلَى الدولة وَسميت هَذِه المعاهدة معاهدة بسار وفتس وعقب ذَلِك طلبت الروسيا من الدولة تحوير المعاهدة السَّابِقَة بكيفية تبيح لتجارها الْمُرُور من اراضي الدولة وَبيع سلعهم فِيهَا ولحجاجها التَّوَجُّه لبيت الْمُقَدّس وَغَيره من الاماكن والاديرة المقدسة عِنْدهم بِدُونِ دفع خراج مُدَّة اقامتهم اَوْ رسوم على جوازات الْمُرُور فَقبلت الدولة واضافت إِلَى هَذِه المعاهدة الجديدة المؤرخة ٩ نوفمبر سنة ١٧٢٠ شرطا من الاهمية السياسية بمَكَان عَظِيم وَهُوَ تعهد كل من الروسيا وَالْبَاب العالي بِمَنْع زِيَادَة نُفُوذ الْملك الْمُنْتَخب ببولونيا على نُفُوذ الاشراف وَعدم تَمْكِينه من جعل منصبه وراثيا فِي عائلته وَمنع حُصُول هذَيْن الامرين بِكُل الوسائط الممكنة بِمَا فِيهَا الْحَرْب
وَلَا تخفى اهمية هَذَا الشَّرْط الاخير الَّذِي لم يقْصد بِهِ بطرس الاكبر الا ايجاد النفرة بَين مُلُوك بولونيا والدولة انفاذا لما كَانَ ينويه لَهَا كَمَا سنشرحه فِي مَوْضِعه فان جعل مَقَاصِد هَذَا القيصر المؤسس الْحَقِيقِيّ للمملكة الروسية وَوَاضِع دعائمها كَانَ التَّفْرِيق بَين مجاوريه الثَّلَاثَة السويد وبولونيا والدولة العثمانية