عصيان اولاد السُّلْطَان عَلَيْهِ وتنازله عَن الْملك لِابْنِهِ سليم
وَلَقَد تكدر صفاء حَيَاة الْملك فِي سني حكمه الاخيرة بعصيان اولاده عَلَيْهِ واضرامهم نَار الحروب الداخلية الَّتِي لَوْلَا مَا وَقع فِي قُلُوب اعدائها من الرعب لكَانَتْ هذة الحروب العائلية فرْصَة عَظِيمَة لَهُم وَذَلِكَ ان السُّلْطَان بايزيد الثَّانِي كَانَ لَهُ ثَمَانِيَة اولاد ذُكُور توفّي مِنْهُم خَمْسَة فِي صغرهم وَبَقِي ثَلَاثَة وهم كركود وَاحْمَدْ وسليم وَكَانَ اولهم مشتغلا بالعلوم والاداب ومجالسة الْعلمَاء وَلذَا كَانَ يمقته الْجَيْش لعدم ميله للحرب وَالثَّانِي كَانَ محبوبا لَدَى الاعيان والامراء وَكَانَ عَليّ باشا اكبر الوزراء مخلصا لَهُ وَكَانَ ثالثهم وَهُوَ سليم محبا للحرب ومحبوبا لَدَى الْجند عُمُوما والانكشارية خُصُوصا
ولاختلافهم فِي المشارب والآراء خشِي والدهم وُقُوع الشقاق بَينهم فَفرق بَينهم وَعين كركود واليا على احدى الولايات الْبَعِيدَة وَاحْمَدْ على اماسيا وسليما على طرابزون وَعين ايضا سُلَيْمَان بن ابْنه سليم واليا على كافا من بِلَاد القرم فَلم يرض سليم بِهَذَا التَّعْيِين بل ترك مقرّ وظيفته وسافر إِلَى كافا بالقرم وارسل إِلَى ابيه يطْلب مِنْهُ تَعْيِينه فِي احدى ولايات اوروبا فَلم يقبل السُّلْطَان بل اصر على بَقَائِهِ بطرابزون فعصى سليم وَالِده جهارا وَسَار بِجَيْش جمعه من قبائل التتر إِلَى بِلَاد الروملي وارسل وَالِده جَيْشًا لارهابه وَلما وجد من ابْنه التصميم على الْمُحَاربَة قبل تَعْيِينه باوروبا حَقنا للدماء وعينه واليا على مدينتي سمندريه وودين سنة ١٥١١
وَلما وصل إِلَى كركود خبر نجاح اخيه سليم فِي مقاومته انْتقل إِلَى ولَايَة صاروخان واستلم ادارتها بِدُونِ امْر ابيه ليَكُون قَرِيبا من الْقُسْطَنْطِينِيَّة عِنْد الْحَاجة