بالْقَوْل انه فِي سنة ١٥٥٥ حصلت هدنة بَين الطَّرفَيْنِ لسِتَّة اشهر وَمثلهَا فِي سنة ١٥٥٧ وَفِي شهر يونيه سنة ١٥٦٢ تمّ الصُّلْح بَينهمَا لمُدَّة ثَمَانِي سنوات بِشَرْط اسْتِمْرَار النمسا على دفع الْجِزْيَة السنوية الَّتِي قررتها المعاهدات السَّابِقَة وساعد على ذَلِك حب سميز على باشا الَّذِي خلف رستم باشا بعد مَوته فِي منصب الصدارة الْعُظْمَى للسلم وَعدم ميله لسفك الدِّمَاء
وَمَعَ ذَلِك فَلم تَنْقَطِع المناوشات بالمرة على حُدُود النمسا والمجر بل استمرت بِنَوْع غير رسمي وَبعد هَذَا الصُّلْح الاوهى من بَيت العنكبوت لما بَين العنصرين المتجاورين من عوامل الْبغضَاء تمكن السُّلْطَان من تَوْجِيه اهتمامه إِلَى تعزيز سفنه الحربية لحماية الجزائر وطرابلس الغرب الَّتِي افتتحها طرغول فِي غُضُون سنة ١٥٥١ سنة ٩٥٨ لبعدها عَن مقرّ الْخلَافَة الْعُظْمَى وطموح انظار اسبانيا إِلَى ارجاعها اذ ان محتلها يكون دَائِما مهددا لسواحل اسبانيا ونابولي الَّتِي كَانَت تَابِعَة لاسبانيا فِي هَذَا الْحِين
حِصَار جَزِيرَة مالطه
فعززت الدونانمات العثمانية وَفِي اوائل سنة ١٥٦٥ ارسلت عمَارَة بحريّة مؤلفة من نَحْو مِائَتي سفينة لفتح جَزِيرَة مالطه مقرّ رهبنة القديس حنا الاورشليمي لاهمية هَذِه الجزيرة الْوَاقِعَة بَين اقليم تونس وجنوب ايطاليا وضرورة احتلالها لكل دولة تُرِيدُ ان تكون لَهَا الْيَد الطُّولى على الْبَحْر الابيض الْمُتَوَسّط فابتدئ حصارها فِي شهر مايو من السّنة الْمَذْكُورَة وَاسْتمرّ نَحْو الاربعة شهور بِدُونِ ان يكون موت القبودان الشهير طرغول الْمَعْرُوف عِنْد الافرنج باسم دراجوت فِي اثناء الْحصار سَببا فِي عدم استمراره وَلما قرب قصل الشتَاء الَّذِي تكْثر فِيهِ الزوابع البحرية رفع الْحصار عَنْهَا فِي ١١ سبتمبر سنة ١٥٦٥ وعادت السفن بجيوشها إِلَى دَار السَّعَادَة