وَتركُوا املاكهم وامتعتهم قَاصِدين ملْجأ الْخلَافَة الاسلامية افواجا حَتَّى غصت شوارع الاستانة بهم واعيت الْحُكُومَة الْحِيلَة فِي تَقْدِيم مَا يلْزم لَهَا من الملبس والمأكل والوقود فِي هَذَا الشتَاء القارس وَلذَلِك تشكلت عدَّة جمعيات لمساعتهم فَجمعت اموالا طائلة من جَمِيع الاهالي مَعَ اخْتِلَاف اديانهم ومذاهبهم وَلم يلبس هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِين ان اصيبوا بداء التيفوس فَمَاتَ كثير مِنْهُم وَلَوْلَا اسراع الدولة فِي ابرام الصُّلْح وتوزيعهم على ولايات الاناطول لهلكوا عَن آخِرهم اذ انهم كَانُوا يؤثرون الْمَوْت على العودة إِلَى بِلَادهمْ الَّتِي احتلها الروس وساد فِيهَا المسيحيون وَكَانَ ذَلِك مُنْتَهى امل الروسيا الَّتِي كَانَت تود مهاجرة الْمُسلمين عَن جَمِيع الولايات المصممة على منحها الِاسْتِقْلَال
[المخابرات الابتدائية والهدنة]
هَذَا اما مَا حصل فِي بِلَاد مقدونية وتساليا وَغَيرهَا وَفِي جَزِيرَة كريد من الْفِتَن بدسائس مملكة اليونان فَلَا يعْتد بِهِ لقلَّة اهميته ووعد قناصل الدول الثائرين بِالنّظرِ فِي طلباتهم عِنْد اتمام الصُّلْح مَعَ الروسيا
وَفِي اوائل شهر يناير سنة ١٨٧٨ عين الْبَاب العالي كلا من نامق باشا وسرور باشا مرخصين من طرفه لمخابرة الغراندوق نيقولا فِي امْر تَوْقِيف الْقِتَال وارفقهما بمامورين عسكريين وهما نجيب باشا وَعُثْمَان باشا خلاف بَطل بلفنه لما يخْتَص بالامور العسكرية
وَفِي ١٤ يناير سَافر هَؤُلَاءِ المندوبون إِلَى قزانلق لمقابلة الْبُرْنُس الروسي فوصلوا اليها فِي ١٩ مِنْهُ لتعطيل السكَك الحديدية وَبعد ان عرضوا ملخص ماموريتهم اجابهم انه سيطلب الاستعلامات اللَّازِمَة من جلالة القيصر ويعطيهم الْجَواب النهائي فِي مَدِينَة ادرنه الَّتِي دَخلهَا الروس فِي ٢٠ مِنْهُ كَمَا ذكرنَا وَلما وصلوا اليها فِي معية الْبُرْنُس ابتدأت المخابرات وَفِي ٢٠ مِنْهُ صَار التوقيع على اتفاقين احدهما بَين العراندوق نيقولا وسرور باشا ونامق باشا مفاده منح الِاسْتِقْلَال الاداري للبلغار