وانها لَو رَأَتْ من الدولة الْعلية مقاومة اذعنت هِيَ لسحب مطالبها خوفًا على تجارتها من الْبَوَار لَو صدرت الاوامر بِعَدَمِ قبُولهَا فِي الممالك المحروسة
فاخذ فِي تحصين العاصمة وَبِنَاء القلاع حولهَا وتسليحها بالمدافع الضخمة وشكل الفرنساويون النازلون بالاستانة فرقة من مِائَتي مقَاتل اغلبهم من المدفعية وَكَذَلِكَ الاسبانيون لمضادة سفيرهم المركيز دالمنييرا لسياسة انكلترا فِي الشرق واهتم كل من فِي الاستانة فِي هَذَا الْعَمَل الوطني حَتَّى الشُّيُوخ والاطفال وَالنِّسَاء وبذل الانكشارية من الاهتمام اكثر مِمَّا كَانَ يؤمل مِنْهُم وَكَانَ السُّلْطَان بِنَفسِهِ يناظر الاشغال ويحث المشتغلين بهَا على مُوَاصلَة اللَّيْل بِالنَّهَارِ لاتمام القلاع لصد هجمات الاعداء فَلم يمض بضعَة ايام حَتَّى صَارَت الْمَدِينَة فِي مأمن من كل طَارِئ ووقفت عدَّة سفن فِي مدْخل البوسفور لمنع كل مهاجم مَعَ اسْتِمْرَار الاشغال فِي بوغاز الدردنيل فَلَمَّا رأى الاميرال الانكليزي اسْتِحَالَة دُخُوله البوسفور وَقرب انْتِهَاء تحصينات الدردنيل خشِي من حصر مراكبه بَين البوغازين وقفل رَاجعا إِلَى الْبَحْر الابيض فِي ٢٠ ذِي الْحجَّة سنة ١٢٢١ اول مارس سنة ١٨٠٧ فنجا مِنْهُ بمراكبه بعد ان قتل من رِجَاله سِتّمائَة وغرق من سفنه اثْنَتَانِ من مقذوفات قلاع الدردنيل وَاجْتمعَ بمراكب الروسيا عِنْد مدْخل البوغاز
ثمَّ اراد الاميرال الانكليزي أَن يَأْتِي عملا يمحو مَا لحقه من الْعَار بِسَبَب فشله فِي هَذِه المأمورية فقصد ثغر الاسكندرية وَمَعَهُ خَمْسَة آلَاف جندي بري تَحت قيادة الجنرال فريذر فاحتلها فِي ١٠ محرم سنة ١٢٢٢ ٢٠ مارس سنة ١٨٠٧ ثمَّ سير فرقة إِلَى ثغر رشيد لاحتلاله فانهزمت وعادت بخفي حنين ثمَّ اعاد الكرة عَلَيْهَا فِي شهر ابريل وحاصر الْمَدِينَة فِي ٨ صفر ١٧ ابريل لَكِن لم يقو على فتحهَا لارسال مُحَمَّد باشا المدد اليها واخيرا رحلوا عَن الديار المصرية ونزلوا فِي مراكبهم فِي ١٠ رَجَب سنة ١٢٢٢ ١٣ سبتمبر سنة ١٨٠٧ لعدم امكانهم التفرغ لفتحها مَعَ اشتغالهم بالحروب فِي اوروبا ولوجود الْحُكُومَة المصرية فِي قَبْضَة ممدن مصر وباعثها من رمسها ومعيد مجدها من لَهُ عَلَيْهَا الايادي الْبيض طول الدَّهْر الامير الْجَلِيل المرحوم مُحَمَّد عَليّ باشا مؤسس العائلة