الْحصار لما شَاهده من انتظام الجيوش الجديدة وَجمع كل قواه حول مَدِينَة وارنه وَقد تمكن القبودان باشا عزت مُحَمَّد من ادخال المدد اليها بحرا رغما عَن مراقبة السفن الروسية وَدخل هُوَ ايضا اليها وَتَوَلَّى الدفاع عَنْهَا واتى من جِهَة الْبر السِّرّ عَسْكَر حُسَيْن باشا لاشغال المحاصرين لَهَا وَلذَلِك كَاد القيصر ييأس من دُخُولهَا لَوْلَا خِيَانَة اُحْدُ القواد الْمَدْعُو يُوسُف باشا فانه سلمهَا إِلَى الروس فِي اول ربيع الثَّانِي سنة ١٢٤٤ ١١ اكتوبر سنة ١٧٢٨ والتجأ إِلَى بِلَادهمْ فِرَارًا من الْعقَاب وليتمتع بثمرة خيانته وَمن جِهَة آسيا احتل الروس عدَّة قلاع وحصون اهمها قلعة قارص الشهيرة ثمَّ توقف الْقِتَال بِسَبَب اشتداد الْبرد وتراكم الثلوج اَوْ بالاختصار فقد شهد الروس انفسهم أَن نتائج الْحَرْب كَانَت اقل مِمَّا كَانُوا ينتظرون وَمَا ذَلِك الا لالغاء طَائِفَة الانكشارية وترتيب الجيوش الجديدة واطاعتها لاوامر رؤسائها اطاعة عمياء
وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك مَا كتبه المسيو بوتزودي بورجو سفير الْحُكُومَة الروسية بباريس فِي رِسَالَة مؤرخة فِي نوفمبر سنة ١٨٢٨ وملخصها أَن الْجنُود الروسية لاقت من الجيوش العثمانية الجديدة مَا لم تعانه قبلا من الانكشارية وَلَو تَأَخَّرت الروسيا فِي اشهار الْحَرْب على الْبَاب العالي سنة وَاحِدَة لما امكنها أَن تتحصل على النتائج الَّتِي تحصلت عَلَيْهَا فِي هَذِه السّنة اهـ
وَفِي ذَلِك برهَان كَاف على اصابة رَأْي السُّلْطَان مَحْمُود الْغَازِي واصالة فكره فِي الغاء طَائِفَة الانكشارية لَكِن لم تكن الجيوش المنتظمة كَافِيَة لاستمرار الْقِتَال لقلَّة عَددهَا بِالنِّسْبَةِ لجيوش الروسية الْكَثِيرَة الْعدَد وَلذَلِك لما استؤنف الْقِتَال