الْعَرَب الَّذين زَادَت قحتهم وجراءتهم لما تحققوا عدم تمكن المصريين من العودة وَرَاءَهُمْ واقتفاء آثَارهم وَمَعَ ذَلِك فقد تمكن سُلَيْمَان باشا من ارجاع مائَة وَخمسين مدفعا بخيولها إِلَى مصر وَكثير من خُيُول السَّوَارِي الَّتِي هلك قسم عَظِيم مِنْهَا بِسَبَب الْعَطش وَشدَّة التَّعَب
واما ابراهيم باشا وفرقته فَلم يُمكنهُم العودة إِلَى الْقَاهِرَة من طَرِيق صحراء الْعَريش لشدَّة مَا لاقوه اثناء مرورهم فِي فلسطين من مُعَارضَة الْعَرَب لَهُم وسدهم الطَّرِيق عَلَيْهِم واحتلالهم جَمِيع القناطر المبنية على الانهر حَتَّى اضْطر لمحاربتهم فِي كل يَوْم بل وَفِي كل سَاعَة
واخيرا وصل مَدِينَة غَزَّة بعد ان اسْتشْهد فِي الطَّرِيق ثَلَاثَة ارباع من مَعَه وَكثير من المستخدمين الملكيين الَّذين ارادوا الرُّجُوع إِلَى وطنهم مَعَ عائلاتهم فَلَمَّا وصل غَزَّة كتب لوالده اشعارا بقدومه وَطلب مِنْهُ ارسال مَا يلْزم لَهُ من المراكب لنقل فرقته إِلَى الاسكندرية وَمَا يلْزم لمؤونتهم وملبسهم
وَفِي اثناء هَذِه الْمدَّة عرض الكومودور نابير على مُحَمَّد عَليّ باشا ان الْحُكُومَة الانكليزية تسْعَى لَدَى الْبَاب العالي فِي اعطاء مصر لَهُ ولورثته لَو تنازل عَن الشَّام ورد الدونانمة التركية إِلَى الدولة الْعلية فامتثل لهَذَا الامر وَقبل هَذِه الشُّرُوط لحفظ مصر لذريته وَتمّ بَينهمَا الِاتِّفَاق فِي ٢ شَوَّال سنة ١٢٥٦ ٢٧ نوفمبر سنة ١٨٤٠
وَلم يقبل الْبَاب العالي هَذَا الِاتِّفَاق الا بعد تردد واحجام وتداول عدَّة مخاطبات بَينه وَبَين وكلاء الدول الاربع المتحدة المجتمعين بِمَدِينَة لوندره بِصفة مؤتمر وَصدر بذلك فرمان همايوني فِي تَارِيخ ٢١ ذِي الْقعدَة سنة ١٢٥٦ ١٤ يناير سنة ١٨٤١ هَذَا نَصه نقلا عَن قَامُوس جلاد
رَأينَا بسرور مَا عرضتموه من الْبَرَاهِين على خضوعكم وتأكيدات امانتكم وَصدق عبوديتكم لذاتنا الشاهانية ولمصلحة بابنا العالي فطول اختباركم وَمَا لكم