اُحْدُ بيُوت كبرائهم وَلما اشْتهر هَذَا الْخَبَر بَين الْمُسلمين هاجوا وماجوا وتجمعوا فِي فسحة دَار الْحُكُومَة طَالِبين الْبَحْث عَن الْبِنْت وتخليصها من ايدي المخفين لَهَا فَوَعَدَهُمْ الْوَالِي باجراء شؤون وظيفته ثمَّ لما رأى الْمُسلمُونَ عدم نجاح بحث الْحُكُومَة تجمعُوا ثَانِيًا فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي اُحْدُ الْجَوَامِع مشددين النكير على الْحُكُومَة وَفِي اثناء هَذَا الْهياج حضر قنصلا فرنسا والمانيا وَيُقَال انهما دخلا الْجَامِع ولتواتر الاشاعة بِأَن الْبِنْت فِي بَيت قنصل المانيا ازْدَادَ الْهياج وَفِي اقل من الْقَلِيل بلغت الحدة مُنْتَهَاهَا من المجتمعين وتعدوا على القنصلين بِالْقَتْلِ
وَلما وصل خبر هَذِه الْحَادِثَة إِلَى الدول اضْطربَ وزراؤها وتبادلوا المخابرات البرقية للاتفاق على اتِّخَاذ سَبَب للتدخل
وَفِي ١١ مِنْهُ اجْتمع الْبُرْنُس غورشاكوف وَزِير الروسيا والكونت اندراسي وَزِير النمسا بالبرنس دي بسمارك بِمَدِينَة برلين واخذوا فِي المداولة مَعًا يومي ١١ و ١٢ مِنْهُ وَفِي ١٣ مِنْهُ حرروا لائحة إِلَى الْبَاب العالي مَعْرُوفَة فِي كتب السياسة بلائحة برلين وصدقت عَلَيْهَا دولتا ايتاليا وفرنسا مفادها التَّشْدِيد على الْبَاب العالي بتنفيذ مَا جَاءَ فِي الفرمان السلطاني المؤرخ ١٢ دسمبر سنة ١٨٧٥ وَتَعْيِين مجْلِس دولي لمراقبة تنفيذه واجراء كل مَا فِيهِ اصلاح حَال المسيحيين فِي هَذِه الولايات وَأَن تبرم الدولة مَعَ الثائرين هدنة قدرهَا شَهْرَان اَوْ سِتَّة اسابيع على الاقل للوصول إِلَى اتِّفَاق مرض لَهُم وانه ان لم تتفق مَعَ الثائرين فِي خلال هَذِه الْهُدْنَة تكون الدول الموقعة عَلَيْهَا مضطرة لاستعمال الْقُوَّة لاجبار الْبَاب العالي على تَنْفِيذ هَذِه اللائحة فَيرى فِي ذَلِك الْمطَالع ان الدول كَانَت متفقة على محاربة الدولة لتقسيم املاكها فِيمَا بَينهم اَوْ بالاقل سلخ جَمِيع الولايات الَّتِي بهَا مسيحيون اذ ان الدول المسيحية لَا يُمكنهَا ان تخفي تألمها من وجود بعض المسيحيين تَحت سلطة الْمُسلمين فَالْمَسْأَلَة اذن كَمَا ذكرنَا وكررنا سياسية دينية اَوْ بالحري دينية اكثر مِنْهَا سياسية
هَذَا اما الْبَاب العالي فَلم يقبل هَذِه الطلبات المجحفة بحقوقه على رعاياه وَلم يرعه هَذَا التهديد والوعيد لعلمه انه يبعد اتِّفَاق الدول على الْعَمَل لاخْتِلَاف اطماعها وَلعدم مُوَافقَة انكلترا على هَذِه اللائحة