للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَببهَا رغبتها فِي مُشَاركَة الروسيا فِي بقايا دولة الاسلام باوروبا باحتلالها اقليمي البوسنه والهرسك ليَكُون لَهَا بذلك سَبِيل فِي الْمُسْتَقْبل إِلَى الِاسْتِيلَاء على مينا سلانيك الضرورية لعدم وجود موانئ بحريّة لمملكتها سوى مَدِينَة تريسته الَّتِي تَدعِي ايطاليا احقيتها فِيهَا وتطمح انظارها إِلَى احتلالها يَوْمًا مَا

اما المانيا فَكَانَت مساعدة ادبيا للروسيا وَيُقَال انها عرضت على النمسا احتلال البوسنه والهرسك بِرِضا الروسيا لَكِنَّهَا رفضت هَذَا الاحتلال مَا لم يكن بِقبُول جَمِيع الدول اذ انها كَانَت ترى احتلالها لهماء بِدُونِ رضَا الْبَاب العالي وَبَاقِي الدول يسبب لَهَا عراقيل كَثِيرَة فِي الْمُسْتَقْبل وَكَانَت فرنسا على الحياد الْمُطلق لقرب انخذالها فِي حَرْب البروسيا وميلها إِلَى السّكُون لتعويض مَا فقدته من المَال وَالرِّجَال فِي هَذِه الْحَرْب المشؤمة

وَكَذَلِكَ ايطاليا لم يكن لَهَا صَالح فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَلَا تود الاشتباك فِي حَرْب اوروبية لقرب عهد تَمام استقلالها وسعيها فِي تَقْوِيَة وحدتها السياسية فيتضح من ذَلِك ان الْمُعَارضَة كَانَت منحصرة اولا فِي انكلترا لَا حبا فِي الدولة الْعلية الاسلامية بل خوفًا على نفوذها فِي الْهِنْد وَثَانِيا فِي النمسا لعدم اشتراكها فِي مَنَافِع هَذِه المعاهدة

ولهذه الاسباب كَانَت انكلترا اول مُنَبّه للروسيا على ان كل شَرط يتَّفق عَلَيْهِ بَينهَا وَبَين الدولة وَيكون مُخَالفا لنصوص معاهدة سنة ١٨٥٦ المبرمة فِي باريس اَوْ يخْتَص بِمَنْفَعَة عمومية اوروبية لَا يعْمل بِهِ الا بعد تَصْدِيق الدول الضامنة لمعاهدة باريس الْمَذْكُورَة

وكتبت بِهَذَا الْمَعْنى الى الْحُكُومَة الروسية بتاريخ ١٤ و ٢٩ يناير سنة ١٨٧٨ أَي قبل التوقيع على الاتفاقيات الَّتِي امضيت فِي مَدِينَة ادرنه فِي ٣١ من الشَّهْر الْمَذْكُور بَين الدولة والروسيا وَقبلت بِكُل انْشِرَاح اقتراح النمسا فِي ٥ فبراير القَاضِي باجتماع مؤتمر دولي فِي مَدِينَة بادن للنَّظَر فِي اتفاقيات ادرنه كَمَا سبق فِي مَوْضِعه

ثمَّ فِي ٧ مارس دعت النمسا جَمِيع الدول ثَانِيَة لعقد مؤتمر فِي مَدِينَة برلين للغاية نَفسهَا واختارت برلين ليَكُون المؤتمر تَحت رئاسة الْبُرْنُس بسمارك المعضد لَهَا على احتلال البوسنة والهرسك فَقبلت الدول هَذِه الدعْوَة الا انكلترا فانها علقت

<<  <   >  >>