كَانَ يعْتَبر ضياعها فِي الْقِتَال اكبر اهانة تلْحق باصحابها الْعَار والفضيحة وَكَانُوا إِذا ارادوا اظهار عدم الرِّضَا من بعض اوامر رُؤَسَائِهِمْ يقلبون الْقُدُور امام مَنَازِلهمْ واستمرت هَذِه الفئة عونا للدولة على اعدائها حَتَّى تَغَيَّرت احوالها وازداد طغيانها وانقلبت فوائدها مضرات فابطلها السُّلْطَان مَحْمُود الثَّانِي بعد ان قتل اغلبهم فِي يَوْم ١٦ يونيو سنة ١٨٢٦ ١٠ ذِي الْقعدَة سنة ١٢٤١ م لمقاومتهم اجراءات السلاطين وعصيانهم عَلَيْهِم وتعديهم على حُقُوقهم المقدسة
اما اورخان فاول عمل اجراه هُوَ نقل مقرّ الْحُكُومَة إِلَى مَدِينَة بورصة لحسن موقعها وارسل قواد جيوشه المظفرة لفتح مَا بَقِي من بِلَاد آسيا الصُّغْرَى ففتحوا اهم مدنها وَفتح السُّلْطَان بِنَفسِهِ مَدِينَة ازميد وَلم يبْق من مدن الرّوم المهمة ببر آسيا الا مَدِينَة ازنيك فحاصرها وضيق عَلَيْهَا الْحصار حَتَّى دَخلهَا بعد سنتَيْن فَسقط بسقوطها نُفُوذ الرّوم فِي بِلَاد آسيا وَمِمَّا جذب اليه قُلُوب الاهالي ان عاملهم باللين والرفق وَلم يعارضهم فِي اقامة شَعَائِر دينهم واذن لمن يُرِيد المهاجرة باخذ كَافَّة منقولاته وَبيع عقاراته مَعَ تَمام الْحُرِّيَّة فِي اجراءآته واسس بِهَذِهِ الْمَدِينَة عدَّة مدارس وتكايا للْفُقَرَاء والمعوزين وَجعل اكبر اولاده الْمَدْعُو سُلَيْمَان باشا حَاكما عَلَيْهَا وَلم يلبث فِي هَذَا المنصب الا قَلِيلا حَتَّى عين صَدرا اعظم بعد وَفَاة عَمه عَلَاء الدّين واشتهر سُلَيْمَان باشا بِفَتْح عدَّة مدن
وَفِي سنة ٧٣٦ هـ سنة ١٣٣٦ م ضم السُّلْطَان اورخان إِلَى ممالكه امارة قره سي لوُقُوع الْخلف بَين وَلَدي اميرها بعد مَوته وَلَوْلَا عدم اتِّفَاق الاخوين لما تمكن اورخان من ضمهَا الا بعد معاناة الْحَرْب والكفاح وَفِي ذَلِك موعظة لمن القى السّمع وَهُوَ شَهِيد وَبعد ذَلِك اشْتغل السُّلْطَان اورخان بترتيب داخليته وَسن النظامات اللَّازِمَة لاستتباب الامن بالداخل وانتشار الْعمرَان فِي الْبِلَاد وَفتح الْمدَارِس وَبِنَاء الْجَوَامِع والتكايا فَمن آثاره انه اسس مدرسة عالية فِي مَدِينَة بورصة واخرى فِي مَدِينَة ازنيك واجزل العطايا للشعراء وَالْعُلَمَاء فاضاف بذلك خيرات السّلم إِلَى فتوحات الْحَرْب