للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَعَمْ: له الكتْمُ عمَّىْ لم يره أهْلًا، أو يكون ممَّنْ لا يقبَلُ الصَّوَاب إذا أرشده إليه، أو نحو ذلك؛ فعن الخليل بن أحمد (١)؛ أنه قال لأبي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ المُثَنَّى (٢): "لا ترون على مُعْجَبٍ خَطَأً؛ فيستفيدَ مِنْكَ علمًا، ويتخذَكَ به عَدُوًّا" (٣).

وينبغي له أيضًا أن يكتُبَ ما يستفيدُهُ؛ فالفائدة ضالَّة المؤمن؛ حيثما وجَدَها التقطَهَا؛ وهكذا كانت سيرَةُ السَّلَف الصالح، فكَمْ من كبير رَوَى عن صغير؛ وهذا رسول الله قرَأَ مع عظيم منزلته على أُبَيِّ بن كَعْب (٤)؛ فعل ذلك ليتأسَّى به غيرُهُ، ولا يستنكفَ الكبير أنْ يأخذ العلم


(١) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري، الإمام صاحبُ العربية منشيء علم العروض، حدث عن أيوب السختياني، وعاصم الأحول، والعوام بن حوشب، أخذ عنه سيبويه النحو، والنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوي، والأصمعي، وآخرون.
قال الذهبي: كان رأسًا في لسان العرب، دينًا، ورعًا، قانعًا متواضعًا، كبير الشأن … وكان مفرط الذكاء صنف كتاب العين، ولم يتمه، مات سنة سبعين ومئة انظر ترجمته في: "معجم الأدباء" (١١/ ٧٢)، "إنباه الرواة" (١/ ٣٤١) "سير أعلام النبلاء" (٧/ ٤٢٩)، "بغية الوعاة" (١/ ٥٥٧)، "شذرات الذهب" (١/ ٢٧٥).
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) انظر "تدريب الراوي" (٢/ ١٤٧).
(٤) هو الصحابي الجليل أبي بن كعب بن قيس أبو المنذر، روى عن النبي ، روى عنه عمر بن الخطاب، وأبو أيوب وأنس بن مالك، وسهل ابن سعد، وغيرهم، شهد بدرًا والعقبة الثانية وقال عمر بن الخطاب: سيد المسلمين أبي بن كعب قال الهيثم بن عدي: مات سنة (١٩)، وقيل سنة (٣٢) في خلافة عثمان قال الحافظ ابن حجر: وفي موته اختلافٌ كثير جدًا، الأكثر على أنه في خلافة عمر، وروى ابن سعد في الطبقات بإسنادٍ رجاله ثقات لكن فيه إرسال: أن عثمان أمره أن يجمع القرآن، فعلى هذا يكون موته في خلافته، قال الواقدي: وهو أثبت الأقاويل عندنا. انظر "الإصابة" (١/ ١٩)، "الاستيعاب" (١/ ٤٧) "تهذيب التهذيب" (١/ ١٦٩).
أما حديث قراءة النبي على أبي فأخرجه أحمد (٥/ ١٢٢)، والبخاري في خلق أفعال العباد ص (٦٨). عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله : "إن الله أمرني أن أعرض القرآن عليك. قال: وسماني لك ربِّي ؟ قال: ﴿بفضل الله وبرحمته فبذلك "فلتفرحوا"﴾ هكذا قرأها أبي".

<<  <   >  >>