للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وَاسْتَنَدَ ذَلِك الخَبَرُ إِلَى الْحِسِّ":

أي: انتهى إلى أمْرٍ محسوس؛ وهو ما يُدْرَكُ بإحدى الحواسِّ الخمس؛ كالإخبار بوجود مَكَّة، وطَيْبة؛ بخلاف ما إذا استند إلى أمرٍ معقول؛ كالإخبار بحدوثِ العَالَم مثلًا؛ لأنه: إن كان من الأوَّليَّات، فلا يحتاج إلى التواتر؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يعلمُ ذلك بمجرَّد العقل، وإن كان من النظريَّات، فكل واحد منهم يُخْبِرُ عن نظره؛ فَلَمْ يتواردْ على محلٍّ واحدٍ والغلط جائزٌ على كل واحد منهم، وفي المحسوس: المُخْبِرونَ به تواردوا على محل واحد.

وخصّ الحافظ ابن حجر في شرحه المستند بالمشاهد أو المسموع؛ اعتبارًا للغالب، ولأنَّ البحْثَ في المتواتر من قوله وفعله، وتقريره؛ والأول من المسموعات، والثاني والثالث من المُبْصَرَات؛ وإلا فالشرط: الانتهاء إلى مُطْلَق الحسِّ الشامل للحواسِّ الخمس؛ كما ذهب إليه المصنِّف.

"فَهُوَ المُتَوَاتِرُ" اللَّفْظِيُّ:

وهو: "ما تواتر لفظُهُ ومعناه؛ وذلك كحديث: "مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (٢)، وقوله : "البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَالَيِمينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ" (٣).


(٢) أخرجه البخاري (١/ ٣١) ومسلم (١/ ١٠)، وأبو داود (٢/ ٢٨٧) والترمذي (١٣٤٢) والنسائي (٨/ ٢٤٨) وابن ماجه (١/ ١٣) وأحمد (١/ ٧٠)، (٤/ ٢٤٥)، والدارمي (١/ ٧٦)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٠٣).
وغيرهم كثير عن غير واحد من الصحابة منهم العشرة المبشرون بالجنة وغيرهم، وقد توسع في ذكر رواته وطرقه السيوطي في الجامع الصغير (٦/ ٢٧٩) مع شرح المناوي، و"تدريب الراوي" (٢/ ١٧٧)، وقال: "قال ابن الصلاح: رواه اثنان وستون من الصحابة، وقال غيره: رواه أكثر من مئة نفس، وفي شرح مسلم للمصنف -أي النووي- رواه نحو مائتين، قال العراقي: "وليس في هذا المتن بعينه، ولكنه في مطلق الكذب، والخاص بهذا المتن رواية بضعة وسبعين صحابياً ثم أخذ في سردهم".
وقال ابن الجوزي: وهذا الحديث … قد رواه من الصحابة ثمانية وتسعون نفسًا عن رسول الله … ".
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٥٢) ومسلم (١/ ١٧١١) وأبو داود (٣٦١٩) والترمذي (١٣٤٢) والنسائي (٨/ ٢٤٨) وابن ماجة (٢٣٢١) والبيهقي (٥/ ٣٣٢) عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناسُ دماء رجلا وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه" وذكره النووي في الأذكار (ص: ٤٤٧) بلفظ "البينة على المدعي واليمين على من أنكر"، وقال: هو حسنٌ بهذا اللفظ وبعضه في الصحيحين.
قلت: هو بهذا اللفظ عند البيهقي (١٠/ ٢٥٢) وفي الباب عن أبي هريرة وعمر وعمران بن حصين وزيد بن ثابت.
كلها عند الدارقطني (٤/ ٢١٧ - ٢١٩).

<<  <   >  >>