للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أقله سبعون؛ لقوله تعالى: ﴿وَاخْتَاَر مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعيِنَ رَجُلًا لمِيقَاتِنَا﴾ [الأعراف: ١٥٥]؛ ليُخْبِروا قومهم بما يَسْمَعُونه؛ فكونُهُمْ على هذا العدد ليْسَ إلا لأنَّه أقَلُّ ما يفيد العلم.

وقيل: ثلاثمائة وبضعة عشر، عَدَدَ أَهْل بدر، وهذا الاقتضاء زيادةِ اخترامِهِم يستدعي التنقيب عنهم، ليُعْرَفُوا، وإنما يُعْرَفُون بأخبارهم؛ فكونُهُمْ على هذا العدد ليس إلا لأنَّهم أقلُّ عدد يفيد العِلْم.

وهذه الأدلَّة كلُّها ممنوعةٌ؛ إذ لا تعلُّق بشيءْ منها للأخبار.

ولو سلِّم، فليس فيها دَلَالةٌ على أن ذلك العدد شَرْطٌ لتلك الوقائع، ولا على كَوْنِهِ مفيدًا للعْلم.

وقال ابن قُتَيْبة (١) في كتابه "مُخْتَلِف الحديث" (٢): "والذي بَرْهَن بهذه الأقوال يلزمُهُ إثباتُ قولٍ بثمانية؛ لقوله تعالى: ﴿وَثَاِمُنُهْم كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢]، وإثباتُ قولٍ بتسْعةَ عَشَرَ؛ لقوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر: ٣٠]؛ ولم يصيروا إليه، فدلَّ على فساد حُجَّتهم" (٣)


(١) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، قال الذهبي: "العلامة الكبير، ذو الفنون" حدث عن إسحاق بن راهويه، ومحمد بن زياد الزيادي، أبي حاتم السجستاني، حدث عنه: عبيد الله السكري، وعبيد الله بن أحمد، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي وغيرهم. من تصانيفه: "غريب القرآن"، و "غريب الحديث" و "كتاب المعارف"، كتاب "مشكل القرآن"، و "مشكل الحديث"، و "أدب الكاتب" و "عيون الأخبار" وغيرها قال الخطيب: كان ثقة دينا فاضلاً. توفى سنة ٢٧٦ هـ. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" (١٠/ ١٧٠)، "وفيات الأعيان" (٣/ ٤٢) "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٢٩٦)، "بغية الوعاة" (٢/ ٦٣)، "شذرات الذهب" (٢/ ١٦٩ - ١٧٠).
(٢) وهو مطبوع في مجلد. وله عدة طبعات منها طبعة المكتب الإسلامي بتحقيق محمد الأصفر.
(٣) "تأويل مختلف الحديث" ص (٦٦)، وانظر الكلام على عدد التواتر ومناقشة الأقوال في ذلك في: "المسودة" (٢٣٥). "مختصر بن الحاجب مع شرح العضد" (٢/ ٥٤) "الإحكام لابن حزم" (١/ ٩٤) "إرشاد الفحول" (٤٧) "الروضة" (٥٠)، "البحر المحيط" (٤/ ٢٣٢) "تدريب الراوي" (٢/ ١٧٧).

<<  <   >  >>