للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإصطخرىّ (١)؛ حيث قال: لا يجوزُ أنْ يتواتَرَ بأقلَّ من عشرة، وإنْ جاز أن يتواتَرَ بالعَشَرة فما زاد (٢)، وحجته: أن ما دونهَا آحاد؛ فاختصَّ بأخبار الآحاد، والعشرة فمازاد جَمْعُ كثرةٍ.

ورُدَّ: بأنه: إن أراد بالآحاد ما هُوَ مصطلحُ الحساب فلاجهة للتمسُّك به، وإن أراد أنه جَمْعُ قلَّةٍ بقرينةِ مقابلتِهِ بجَمْع الكثرة- فلا يخفَى ضعفه أيضًا.

وقيل: أقله اثنا عَشَرَ، عَدَدَ النقباء الَّذينَ نصبَهُمْ موسى وبَعَثَهم للكَنْعَانيِّين بالشام، طليعةً لبني إسرائيل؛ ليُعْلِمُوهُمْ بأحوالهم التي لا تريب.

وقيل: أقلُّه عشرون؛ لقوله تعالى: ﴿إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ [الأنفال: ٦٥]؛ فيتوقَّف بعث عشرين إلى مائتَيْن على إخبارهم بصَبْرهم.

وقيل: أقلُّهُ أربعون؛ لقوله تعالى: ﴿يأيُّها النَّبِيُّ حُسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنيِنَ﴾ [الأنفال: ٦٤]، وكانوا أربعين رجلًا؛ فإخبارُ الله عنهم بأنَّهُمْ كافئوا نبيَّهُ يستدعي إخبارَهُمْ عن أنفسهم بذلك لَهُ؛ ليطمئنَّ قلبه؛ فكونُهُمْ على هذا العدد ليس إلا لأنَّه أقلُّ ما يفيد العِلْم.


(١) هو الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى أبو سعيد الاصطخري، قاضي قم شيخ الشافعية بالعراق، وأحد أصحاب الوجوه في المذهب، ولي حسبة بغداد، وأفتى بقتل الصابئة، واستقضاه المقتدر بالله على سجستان، وله أخبار طريفة في الحسبة من مؤلفاته: "أدب القضاء"، كتاب "الفرائض الكبير" وله في الأصول أراء مشهورة، توفي سنة ٣٢٨ هـ ببغداد انظر ترجمته في: "طبقات الشافعية" (٣/ ٢٣٠)، "وفيات الأعيان" (١/ ٣٥٧) "شذرات الذهب" (٢/ ٣١٢)، "تاريخ بغداد" (٧/ ٢٦٨).
(٢) انظر "تشنيف المسامع" (٢/ ٩٤٧ - ٩٤٨)، "المسودة" (٢١٢)، "البحر المحيط" (٤/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>